شديد بما قبله وما بعده ، وبتعبير آخر : هو مادة بحد ذاته لا يفتقر إلى المواد الأخرى ، بعكس مواد كتب الفقه أو الاصول أو الدارية أو النحو أو ... فهي بحوث مترابطة يكمل بعضها البعض الآخر.
وعليه فالنقيصة في الكتاب اللغوي ليست بعيب ، وهناك عشرات الكتب في اللغة ناقصة لكن الاعلام يعتمدونها ككتب ابن بري والصاغاني وغيرهم.
وأما جوابي عن السؤال الثاني وغيره من التساؤلات التي كانت تراودني وتدعوني تارة إلى الاقدام وأخرى إلى الإحجام هو نفس اشكال المستشكل وعظيم قوله وافترائه على الشيعة ، وخصوصا لو جمع مع ما قاله السيوطي في بغية الوعاة في ترجمة ثعلب :
|
« قال أبو بكر بن مجاهد ، قال لي ثعلب : يا أبا بكر اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا ، وأصحاب الحديث بالحديث ففازوا ، وأصحاب الفقه بالفقه ففازوا ، واشتغلت أنا بزيد وعمرو ، فليت شعري ماذا يكون من حالي ، فانصرفت من عنده فرأيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تلك الليلة ، فقال لي اقرئ أبا العباس مني السّلام وقل له : أنت صاحب العلم المستطيل » (١). |
فقلت مع نفسي : حقا لو اشتغل أصحاب الفقه بالفقه ، وأصحاب الحديث بالحديث ، وأصحاب القرآن بالقرآن ، وتركنا اللغة والنحو والصرف وشأنهما ، أو قللنا من مكانتهما في محافلنا ـ كما هو الملاحظ اليوم في معاهدنا العلمية ـ فما سيكون حال اللغة والادب والتراث في المستقبل القريب.
إنّ وقوفنا على المؤثرات الخارجية التي دفعت اليوم إلى العزوف عن اللغة ، بل
__________________
(١) بغية الوعاة.