الامتحان لوطا عليهالسلام طلب قوة وركنا شديدا ليدفع بهما قوم من ارتكاب المعصية.
قال سبحانه : (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) : رأى نفسه في منازل الابتلاء والامتحان ، ورأى أبواب المكاشفات والواردات والمشاهدات مسدودة ، ولم ير نفسه إلا في محل الخوف ، ورؤية المكر وخشية العظمة ، قال : لو أن لي في هذه الساعة اتصافا بصفة القدرة والقدر الأزلية كما كان حالي قبل هذا الامتحان لرفعتكم عن الكفر والمعصية.
(أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) أي : لو كشف لي حاشية من حواشي قوام العدم آوي إلى هناك ، وأسترع من رؤيتكم أو آتي من عالم الملكوت بيأسكم أو أدعو لكم ، أو كان لي لسان الرباني الرحماني ليهتدوا إلى مواقع بالرشد ، وتعرفوا حقوق الله عليكم.
قال ابن عطاء : لو أن المعرفة بيدي لأوصلتها إليكم.
(يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١))
قوله تعالى : (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ).
قال بعضهم : لو أن لي جرأة على الدعاء عليكم لدعوت ، أو آوي إلى ركن شديد من علم الغيب بما أنتم صائرون إليه من سعادة أو شقاوة ، فلمّا تم الأمر وعرف الحال ، كشف الملائكة له حال القوم ، ووعدوا هلاك القوم وقت الصبح بقوله : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) ، كأنه تسارع إلى مكان التخلص من بين الضلال ، وأراد أن يرجع إلى قرب الله ومشاهدته وتسريح من رؤية الأضداد ؛ لأن رؤية الأضداد حمى الروح ، كأنه قال : لو أن بكم قوة أزلية أهلكتكم ، وآوي إلى ركن شديد إلى حضرة الملكوت مجالس الجبروت ،