الثلاث علامات المعارف ، المعرفة في الصفات القديمة المبينة أنوارها في قلوب الصديقين ، وآثارها في شواهد الملك والملكوت ، وما ذكر في القرآن.
قوله : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) : أوصاف ونعوت وأسماء وصفات مبينة أسرار الخطاب لأهل المكاشفات والمشاهدات من العارفين والمقربين ، والحكمة في الخطاب بالحروف كتمان الأسرار عن الأغيار ، وهي سنة الأحباب في رفع النقاب في الحجاب.
أبكي إلى الشرق إن كانت منازلكم |
|
من جانب الغرب خوف القيل والقال |
أقول بالخدّ خال حين أذكره |
|
خوف الرقيب وما بالخد من خال |
هذا سر الحبيب مع الحبيب ، ولا يطّلع عليه إلا من له شرب من بحره ، وسقي من نهره ، وطلوع من شرقه ، وأقول في غربة ؛ لأن بهذه الطائفة رموز وإشارات لا يقف عليها إلا طيّار في الملكوت وسيّار في الجبروت.
قال الأستاذ : في إنزال هذه الحروف المقطعة إشارة ، وهو أنّ من كان بعين الفضل والصحو استنبط من اللفظة اليسيرة كثيرا من المعاني ، ومن كان يشاهد الغيبة والمحو يسمع الكثير فلا يفهم منه اليسير.
وقال أيضا : الإشارة من الكتاب المبين ها هنا إلى حكمة السابق له بأن برقية إلى الرتبة التي لم يبلغها غيره.
قوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) : إنّ الله سبحانه لما أراد أن يوقع عنقاء همّته إتعاب قوسيبنية إلى شبكة عشق زينب ، وسقاها من مشارب سواقي الالتباس زلال بحر تجلى صفة الجمال بأقداح الأفعال ، رأى قدس همته عن علل الإنسانية في ذلك ، وغيرته على معهد مشاهدة الأزل تسلّى قلبه بهذه القصة التي هي مطية رواحل أسرار العاشقين والوامقين ، وهو تعالى بجوده واختياره له سيادة الكونين ورسالة العالمين يواسيه لئلا يضيق صدره في محل الامتحان ؛ لأنّ امتحان بالعشق الإنساني مراقي مشاهدة جمال الازال والاباد ليسير في ميادين القدم والأبد بمراكب العشق ، فإنّ بالعشق بلغوا إلى العشق ، وحسن القصة بيان عشق الإنساني في مراتب الأرواح العاشقة ، وطيرانها من هذه المقامة إلى عشق الألوهية ، ومشاهدة الأزلية.
بيّن تعالى أن قصة العاشق والمعشوق أحسن القصص لما فيها من الأمثال والعبر ، والذوق والشوق ، والفراق والوصال ، والبلاء والعناء ، وشأن يوسف عليهالسلام كله عشق به أبوه ، وهكذا كل من رآه ؛ لأن حسن جمال القديم ألبس وجهه ، وكان مرآة الله في بلاد الله تجلّى الحق منها للعباد.