فبح باسم من تهوى ودعني من الكنى |
|
فلا خير في اللّذّات من دونها ستر |
وأيضا : غارت على يوسف حتى لا يرى أحد أسرارهما ، فغلقت الأبواب ، كذا ينبغي للعاشق.
قال الشبلي في قوله : (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) (١) : قطعت الأسباب وجمعت الهمّة عليه ، ثم غلب على يوسف عليهالسلام قدس النبوة فامتنع من مراودتها بقوله : (قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) أي : ربي سبحانه وتعالى أحسن مثواي في الاصطفائية الأزلية ، واختارني بالرسالة والنبوة ، وعلمني من تأويل الأحاديث ، وألبسني لباس حاله الذي هو يوجب أن ينظر إليها بنعت الهيبة والإجلال ، هذا سيد السادات ، وسيد الظاهر ، أحسن مثواي ؛ بأن اختارني لاخرته لا لدنياه ، وأحسن مثواه في قلبك بنعت محبة الله ، فلا ينبغي لك أن تنظر إلا بمحبة الله.
قيل : لما نظر في ترك المعصية إلى صاحبه وولي نعمته الأدنى ، ولم ينظر إلى ربه وولي نعمته الأعلى ، عوقب بالهم حتى قال : (هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها).
وقال بعضهم : برؤية الهمة امتنع من الفتنة.
قال الأستاذ : إنه أكرمني مولاي تعالى ؛ حيث خلقني من الحب ، وجعل في قلب العزيز لي محلا ، فقال لي : (أَكْرِمِي مَثْواهُ) ، فقال : لا ينبغي أن أقدم على عصيانه ، وقد أفردني بجميل إحسانه.
ثم أخبر سبحانه عن جذب مغناطيس الهم بعضها بعضا من سر حقيقة العشق الإلهي والروحاني والإنساني والطبيعي والفطري والجوهري ، التي معادنها من عالم الربوبية أفعالا وصفاتا وذاتا بقوله : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) ، خالص الحقيقة في هذا المعنى في تلك الهمتين ، إن همّة زليخا سبقت على همّة يوسف عليهالسلام ، وحسن يوسف عليهالسلام سبق بجذب قلب زليخا وهمّتها إلى معدنه ؛ لأنّ عشق زليخا وحسن يوسف صفتان صادرتان من المعدنيين الأزليين ، وهما صفة جمال القدم ومحبة الأزل ، فلمّا هاجت همّة زليخا بعد انجذاب قلبها إلى معدن عشق يوسف عليهالسلام هاجت أيضا همة يوسف عليهالسلام إلى أهلية عشقها وحسنها وهمتها ، فصارت الهمتان بعضها من بعض ، فهاجت همة الجوهر إلى الجوهر ، والفطرة إلى الفطرة ،
__________________
(١) هي أبواب أركان الشريعة يعنى إذا فتحت الدنيا على القلب أبواب شهواتها وحظوظها غلقت عليه أبواب الشريعة التي تدخل منها أنوار الرحمة والهداية ونفحات الألطاف والعناية ، تفسير حقي (٦ / ص ٧٨).