والطبيعة إلى الطبيعة ، والإنسانية إلى الإنسانية ، والروحاني إلى الروحاني ، والإلهي إلى الإلهي ، فصارت جميعها بوصف الهمتين متحيرة ، حتى صار شخصهما ، وسوادهما ، وخيالهما ، وعقلهما ، وقلبهما ، وروحهما ، وسرهما واحدا في واحد.
كما قال الشاعر :
والعين كالغصنين شقّهما الهوى |
|
فروحاهما روح وقلباهما قلب |
فكيف نتهم الهمتين ، وأصل الجوهر نور الإرادة ، وأصل الفطرة فعل الإرادة ، وأصل الطبيعة مباشرة القدرة ؛ لكن الصورة وأصل الإنسان وجود معجون القهر الروحاني مباشرة اللطف ، وإلهي تجلي الجمال ، وظهور الذات في الصفات ، وظهور الصفات في الأفعال ، فترقى الهمة من أصل الجوهر إلى نور الإرادة ، ومن أصل الفطرة إلى فعل الإرادة ، ومن أصل الطبيعة مباشرة القدرة ، ومن أصل الإنساني إلى وجود معجون القهر ، وذلك سر النفس الأمارة ، ومن أصل الروحاني إلى مباشرة اللطف ، ومن أصل إلهي إلى تجلي الجمال ، وظهور الذات في الصفات ، وظهور الصفات في الأفعال ، ففي عين الجمع أصل العشقين ، والهمتين من معنى تجلي الذات والصفات والأفعال ، فإذا علمت ذلك فترى شخصهما شخصا ، وروحهما روحا ، وقبلهما قلبا ، وهمتهما همة ، وسرهما سرّا ، وكلهما كلا ، وذلك الكل صدر من الكل ، وذلك الكل علة العلل ، ومعلل الأشياء ومكون الكون أصل الأصول ، فمن يدم وغرائب حقيقة قدس المعرفة في الإشارة ، إشارة منه بدأت ، وإليه تعود بيني وبينك ، أينازعني ، فأدفع بلطفك أنني من البين يا صاحب الهمة ، إذا تجلى من فعله لفعله بوصف الفعل صار العشق مع الشهوة ، وإذا تجلت الصفة بالصفة بوصف الصفة صار العشق مع شهوة الروحاني بلا شهوة الإنساني ، وإذا تجلى الذات للذات بوصف الذات صار العشق بوصف العشق الأزلي المقدّس عن حركات أسرار جميع الشهوات ؛ لأن عشقه أزلي بلا علة ، فأول همة حركة الفعل إلى الفعل ، وهناك موضع الامتحان والفتنة المخالفة الأمر ، وأوسط الهمة تجلي الصفة إلى الصفة ، فهناك مقام الالتباس ، ونهايتها تجلي الذات للذات ، وهناك مقام القدس والطهارة من الامتحان ، فإذا كان يوسف عليهالسلام في بدايتها ووسطها كان في محل العتاب ، فإذا تجلت الذات للذات سلبه أنوار الذات من المقامين ، ولو لا ذلك لبقي في بحر الامتحان وعتاب الرحمن.
تصديق ذلك قوله سبحانه : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) ، ظهور البرهان ليوسف عليهالسلام ظهور صرف ذات القديم المنزه عن علة الحلول ، ومباشرة الحدوث ، وذلك الظهور يوجب إفراد القدم عن الحدوث ، وصرف التجريد والتوحيد والتفريد والخروج من محل الالتباس.