جودك وأنوار جودك حتى أملك بحسني وجمال قلوب العالمين ، وأيضا آتيتني من ملك شاهدتك وعلمتني من حقائق معرفتك.
ثم وصف الله سبحانه بالقدرة القديمة والعظمة الأزلية بقوله : (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وبيّن مكانته في قربه وساحة كبريائه بقوله : (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) حيث كاشف جمالك لي في الدنيا ، وعرفتني صفاتك ، وتكشف أيضا نقاب عزتك لي من وجهك الكريم في الاخرة ، ثم حاج شوقه إلى جمال الأزل ، ورأى تمام نعمة الله عليه فقال تعالى : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) أي : توفني حين أخرجتني من رؤية الحدثان ، وتدبير الأكوان وما سوي من العرفان والإيقان مما يبدوا إلى من كشف قدمك وجلال أبدك وأنوار ألوهيتك ، غيبتني مني فيك حتى لا أبقي أنا فيك وتبقى لي ، وألحقني بمن كان حاله بهذه الصفة.
قال سهل : في قوله توفني مسلما فيه ثلاثة أشياء ، سؤال ضرورة ، وإظهار فقر ، واكتساب فرض.
وقال أيضا : أمتّني فإنما مسلم إليك أمرك ، مفوض إليك شافي ، لا يكون لي إلى نفسي رجوع بحال ولا تدبير في سبب من الأسباب.
قال الدينوري : وألحقني بالصالحين من أصلحتهم مجالستك وحضرتك ، وأسقطت عنهم سمات الخلق ، وأزلت عنهم رعونات الطبع.
قال أبو سعيد القرشي في قوله : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً) قال : هذا كلام مشتاق لم أجانس إلا بالله.
وقال الأستاذ : قدم الثناء على الدعاء كذلك صفة أهل الولاء ، ثم قال : (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أقول بقطع الأسرار عن الأغيار.
قال الأستاذ في قوله : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً) علم أنه ليس بعد الكمال إلا الزوال ، فسأل الوفاة.
ويقال : من أمارات الاشتياق تمني الموت على بساط العوافي مثل يوسف عليهالسلام ألقي في الجب وحبس في السجن فلم يقل توفني مسلما.
ولمّا تم له الملك واستقام له الأمر ولقي الأخوة سجدا له ، ولقي أبويه معه على العرش ، قال : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً) فعلم أنه يشتاق إلى لقائه.
ثم بيّن سبحانه أن هذه القصص العجيبة والأنباء الغريبة الأزلية على لسان النبي صلىاللهعليهوسلم