قال الحسين : المقال منوط بالعلل ، والأفعال مقرونة بالشرك ، والحق بائنا لجميع ذلك ، قال الله تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ).
(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩))
قوله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) أي : معرفة الله ومحبته ، وبذل الروح في طريقة ، وانقياد النفس بوصف خنوعها لأمره طريقة ، ادعوا من سبقت له الحسنى نبعث العناية في الأزل إلى مشاهدة الله ومحبته وبذل الوجود له ، وهذه الدعوة مني على بصيرة ويقين وصدق وذوق وكشف وبيان من الله الذي لا معارضة فيه للنفس والشيطان ، وهكذا من اتبعني بوصف المحبة ، وطلب المشاهدة والرضوان في الوصال ، وكشف الجمال على بيان من معرفتهم ، وبيقين بلا شبهة ولا شك ولا تردد.
ثم وصف نفسه بلسان تنبيه وأمره أنه منزه من كل خيال وعلل بقوله : (وَسُبْحانَ اللهِ) أي : هو منزّه عن إدراك الخليفة (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي : ما أنا من الملتفتين إلى غير يوسف عليهالسلام المحبة وطلب الربوبية منه تعالى عن كل خاطر إلا يشوب فيه شوب الحدثان ؛ لأن من كان في حيز الحدثان فتوحيده يليق بقدر الحدثان لا يقر قدم الرحمن.
قال ابن عطاء : أدعوكم إلى من تعودتم منه الفضل والأفضال والبر والنوال على دوام الأحوال ، وهو الله الذي لم يزل ولا يزال جلّ وتعالى.
قال القرشي : من دعي الخلق إلى الله يحتاج أن يكون له صولة وقبول ، ويكون هذه الالات مندرجة في دعوته ، كما قال الله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا) ففرق بين من دعي إلى الله وبين من دعي إلى سبيل الله.
وقال بعضهم : الداعي إلى الله وبين من دعي إلى سبيل الله.
وقال بعضهم : الداعي إلى الله يدعوا الخلق إليه به لا يكون لنفسه فيه حظ ، والداعي إلى سبيل الله يدعوهم بنفسه إليه ؛ لذلك كثرت الإجابة إلى سبيله لمشاكله الطبع ، وقل من يجيب الداعي إلى الحق ؛ لأن فيه مفارقة الطبع والنفس.
وقال الواسطي في قوله : (عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) عمل الفوادح على بصيرة ، فلا سموا ولا نموا له في حقيقته ؛ فإن الناس كلهم مفاليس من صحة البصيرة والنخيرة ، ولو