والقساوة ، ويكون محجوبا عن حسن الإرادة والصحبة ، والثالث داعي الفطرة الطبيعة وذلك سر عجيب هو تحرك الفطرة المخمرة باستعداد قبول الشهوة الخفية التي في مكامن غيب القلب ، وهو يكون بعد أن يحركها سر القهر إلى طلب ما خلق لها من لذائذ ميلها وحركتها إلى ما يقوي به من الصفات البشرية والشهوة ، وذلك الشهوة الحقيقية التي أضمرتها الفطرة الطبيعة.
وتلك ما استغاث منها النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : «أخوف ما أخاف عليكم الشهوة الخفية من أجابها بعد حركتها دعوتها صار محجوبا عن روح الذكر وأنوار الفكر» (١).
والسبعة التي من دواعي اللطف ، أولها : دواعي القلب وهو أمر منه لصاحبه بترك الاشتغال لتزكية الأعمال ووقوع صفاء الأذكار لوجدان طمأنينته ولذة اليقين ، قال تعالى : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فمن أجابها بنعت المراقبة وتقديس الخواطر يذوق طعم صفاء العبارة ويجد روح الملكوت ونفحة الجبروت.
والثاني : داعي العقل وهو أن يدعو صاحبه إلى تزكية النفس ومجاهدتها ورياضتها وفنون الطاعات والخلوات ؛ فمن أجابه وصل إلى أنوار المراقبات والمحاضرات.
والثالث : داعي الروح وهو أن يدعو صاحبها إلى الخوض في تفكير الغيوب ، وطلب أسرارها ، وطلب رؤية أنوار الملكوت ، واستماع أصوات الجبروت ، وطلب كشف هلال المشاهدة في المحاضرة وسقي شراب المحبة بكئوس الشوق ؛ فمن أجابها بنعت خروجها من أوصاف البشرية وتحليه بالمحلية الروحانية وإسقاط علل الإنسانية يجد حلاوة بروق التجلي من مرآة الإيقان والعرفان.
والرابع : داعي الملك وهو الهامة بأمر الله سبحانه يلهمه بعلم يفرق به بين الحق والباطل من خطوات اللطيفة والقهرية وما يئول عاقبته متابعة الكتاب والسنة ؛ فمن أجابه يقع في بحر الحكمة ويستخرج منها جواهر علوم الإلهية.
والخامس : لسان داعي السر وهو أن يدعو إلى تجديد الهمة من الأكوان والحدثين ؛ فمن أجابه يصل إلى كشف مشاهدة الرحمن ، ويرى بنور تجليه عجائب أسرار المعرفة في خزائن الربوبية.
والسادس : داعي السر وهو لسان النور يناديه من وراء غيب الغيب إلى إفراد القدم عن الحدوث والانخلاع من الوجود ، والانسلاخ من جلد العبودية ، والإيقان بصفات الربوبية ؛ فمن يصل إلى مطالعة مشارق أنوار التجلي الصفات والذات.
__________________
(١) رواه ابن المبارك في «الزهد» (١ / ١٦) بنحوه.