وإيصالها لهم.
قال بعضهم : هم المتجاوبون في ذات الله.
قال الواسطي : الخشية منه حقيقة الخوف منه ومن غيره ، قال تعالى : (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ).
وقال بعضهم : الخشية مراقبة القلب ألا يطالع في حال من أحواله غير الحق فيمقته.
قال ابن عطاء : الخشية سراج القلب ، والخوف آداب النفس.
وسئل أبو العباس بن عطاء عن الفرق بين الخوف والخشية ، قال : الخشية من السقوط عن الدرجات الزلف ، والخوف من الحرق بدركات المقت.
وقال بعضهم : الخشية أرق ، والخوف أصلب.
وقال الأستاذ : الوفاء بالعهد باستدامة العرفان وبشرائط الإحسان ، والتقى من ارتكاب العصيان ، ولي خاطر في الفرق بين الخشية والخوف ، أن الخشية مكان العلم والمعرفة بالله بنعت إجلال جلاله وثمرته الحياء ، والخوف مكان محبته المقرونة بعبوديته ، وثمرته الوفاء بعهد المحبة بنعت اضطراب الخاطر من حزن فراقه.
ثم زاد الله وصف القوم بالصبر في بلائه لأجل لقائه بقوله : (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) صبروا عما دون الله بالله لله ، ولكشف نقابه ، والنظر إلى وجهه ، وأيضا صبروا في الله فيما ورد عليهم من أثقال موارد أسراره كتمانا بها العظم إحاطة أنوار أزليته على قلوبهم طمعا لوصولهم ، أي : إدراك كل الكل.
قال أبو عثمان : صبروا عن المناهي أجمع لا لخوف النار بل بسبب النهي وحرمة عظمة الله.
وقال بعضهم : هذا مقام المريدين أمروا أن يصبروا على أرادتهم وعلى ما يلحقهم من الميثاق ، ولا يطلبوا الرفاهية ، ولا يرجعوا إليها ، ويكون ذلك ابتغاء الحقيقة بصحيح الاراء.
ثم زاد في وصفهم بإقامة الصلاة وإنفاق أموالهم بقوله : (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) راقبوا الله وشاهدوه بتقديس الأنفاس ، ويبذلون وجودهم ظاهرا وباطنا لله وفي الله.
ثم زاد وصفهم بقوله : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) يدفعون بحسنة مشاهدته ولذة محبته ولذيذ شوقه سيئة معارضة النفس ومتابعة الهوى.
قال الأستاذ : يعاشرون الناس بحسن الخلق ؛ فيبذلون الإنصاف ولا يطلبون