والصعقات ، وميراث رؤية أنوار الحكمة ببطون الأفعاليات ودقائق المقامات وحقائق المقامات وإدراك نور شواهد الايات في كل ذرة في مرائي الأفاق ، وميراث ثمرة الإرادة صدق العبودية وإخلاص المحبة ويسهل له جميع المرادات مادام متصفا بالإرادة ، ومن أكل ثمرا من ثمار تلك الشجرة يحي بحياة الأبدية ، ويبقى في أنوار الأزلية لا يطرأ عليه بعد ذلك طوارق الفناء ، وأيضا الكلمة الطيبة كلمة ألهمت في قلوب أحبائه ، تلك الكلمة شجرة المعرفة أصلها ثابت في أرض القلوب وفرعها في سماء الأرواح ومياه تلك الشجرة من بحر كشف المشاهدة ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها من أنواع المقامات والحالات والكشوفات والكرامات والفراسات وحركتها في بستان الوصلة من جائحات الوسواس والهواجس ، وأيضا تلك الشجرة الطيبة كلمة التوحيد التي غرسها الحق في أرض بساتين الأرواح وأصلها هناك ثابت بالتوفيق ، وفرعها في سماء القرب ، وسقاها من سواقي العناية يرويها المعرفة وأغصانها المحبة ، وأوراقها الشوق ، وثمرها العشق ، وحارسها الرعاية ، ومزرعها الكفاية ، ونهارها الأنس تؤتي أكلها كل حين في جميع الإفقاس من لطائف العبودية ، وعرفان أنوار الربوبية ساكن ظلها العقول ، وظلها من ظلال الجمال ، وهذه الثمرات في أواني كمالها مرفوعة على خوان المشاهدة والقربة ، قال تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ).
قال ابن عطاء : الكلمة الطيبة قوله : «لا إله إلا الله» على التحقيق ، والشجرة الطيبة هي التي تظهر أسرار الموحدين عن دنس الأطماع بالثقة بالله ، والانقطاع إليه عما سواه.
قال محمد بن علي : الشجرة الطيبة الإيمان أثبتها الله في قلوب أوليائه ، وجعل أرضها التوفيق ، وسماءها العناية ، وماءها الرعاية ، وأغصانها الكفاية ، وأوراقها الولاية ، وثمارها الوصلة ، وظلها الأنس ؛ فأصلها ثابت في قلب الولي ، وفرعها في السماء ثابتة بالمريد من عند الجبار ؛ فالأصل يربي الفرع بدوام الإشفاق والمراقبة ، والفرع يهدي إلى الأصل ما يجتنبه من محل المشاهدة والقرب ، هكذا أبدا قلب المؤمن وفؤاده.
قال أبو سعيد الخراز : خزائن الله في السماء الغيوم ، وخزائنه في الأرض القلوب ؛ لأن الله خلق قلب المؤمن بيت خزائنه ، ثم أرسل ريحا فهبت فيه فكنسته من الكفر والشرك والنفاق ، ثم أنشأ سحابة فأمطرت فيه ، ثم أنبتت شجرا ، فأثمرت الرضا والمحبة والشكر والصفوة والإخلاص والطاعة وهو قوله : (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ).
(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ