والفجور.
وقال جعفر : الشجرة الخبيثة الشهوات ، وأرضها النفوس ، وماؤها الأمل ، وأوراقها الكسل ، وثمارها المعاصي ، وغاياتها النار ، ثم وصف امتنانه على أهل التوحيد بتسديد إيمانهم وتثبيت توحيدهم وتحقيق معرفتهم واستقامة أحوالهم بتوليته ورعايته لهم في الدنيا والاخرة بقوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) القول الثابت قول الحق جل جلاله في الأزل حيث حكم في نفسه بتوحيد الموحدين ، ومعرفة العارفين ، ومحبة المحبين ، وإيقان الموقنين ، وإيمان المؤمنين ، وسلام المسلمين ، وقوله منزه عن التبدل والتغير والاضطراب ؛ فقوله الحق الباقي بوصف الأزل إلى الأبد ، وإذا اصطفاهم بذلك القول لا يزيله عوارض البشريات ، وغلبات الشهوات ، وفنون الامتحانات ، لأنه قائم بالذات والصفات وهؤلاء في ظل العنايات محروسون بلطفه عن قهره في الدنيا والاخرة المعرفة لا يتغير بتغير الزمان ، ولا بتبديل المكان ، ولا بنزول الامتحان ، ولا بثغائر الملوان ، ولا بشيء من الحدثان ، وثباته للمؤمن العارف منه استقامته به له في طريق مراده وذلك من فريد كشوف جماله وجلاله لهم بنعت الموارد والمواجيد من بحار قربه حين هجم أنوار سبحات وجهه في أسرار قلوبهم ، وفيه إشارة لطيفة أن المعشوق يقلب القصة الربوبية في كل لحظة للعارف الصادق آلاف المرات في الدنيا ، فإذا قال أدركته أوقعه في بحر نكرته ، فإذا تحير كاد لظلمات بحر النكرة إن تغرقه تحت أسافل القهريات يدركه فيض الشفقة ويريه جماله في ظلمات النكرة وكدوره الطبيعة البشرية بالبديهة ، ويخلصه من غبار الامتحان ، وكذلك دابة في مواقف القيامة حتى يريه بالنكرة في المعرفة ، وبالمعرفة في النكرة حتى يلبسه أنوار ربوبيته ويخلصه من مقام امتحان ، فإذا صار متصفا بصفاته فاز من ضرر الامتحان ، وهذا حاصل في الدنيا والاخرة لأهل المعرفة.
قال الواسطي في قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ) على مقدار التوحيد يكون المخاوف والأمن ولم يفزع من أحد الخوف ، ولا انفلت منه أحد لخطة ، وما من أحد يسعى إلا عقبى سعيه وهو الذي لا يخاف عقباها ، فمن ثبّته بالقول الثابت أسقط عنه ذلك المخاوف.
وقال أيضا : الإيمان إيمانان ، إيمان حقيقة بضياء الروح ، وإيمان محبة بظل الروح ، لذلك استثني من استثنى في إيمانه كيف لا يأمنه بعد وهو لا يخلف الوعد ، ثم وصف كيف قهر في القدم الظالمين بإضلاله إياهم بنفس المشيئة والإرادة الأزلية بقوله : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) اختار أهل صفوته بمحبته ومعرفته ومشاهدته ، وألبسهم حلل عنايته وقربهم منه به ، وبعّد المبعدين وطردهم بقهره عن باب لطفه ، فعل ما