قال بعضهم : أصلح الله قلوب المؤمنين للمعاملة ، وأصلح قلوب الأنبياء والأولياء للمجاورة والمطالعة.
وقال الواسطي : هي الخلة لا غيرها تولي الأنبياء بخلقه خلقهم على ذلك جذبا منهم إليه.
قال الأستاذ : آتيناه في الدنيا حسنة حتى كان لنا بالكلية ، ولم يكن لغيرنا ، ثم جعله إماما لنبينا محمد صلىاللهعليهوسلم وأمّته بقوله : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ملة إبراهيم الخلة والمحبة والرضا والتسليم والسخاء والوفاء والكرم ، أوحى إلى رسوله بمتابعته ، إذ اختاره بما اختار خليله وأجل وأفضل بدايته متابعة الخليل ، ونهايته انفراده في تجريد التوحيد عن غير الحق بالحق ، ويقتضي هذا التأدب باداب المشايخ ، والتواضع للأكابر ، كما قال الدينوري : أمر الله نبيه صلىاللهعليهوسلم باتباع الخليل لئلا يأنف أحد من الاتباع ، وملة إبراهيم كانت سخاء ، والخلق الحسن ، فزاد عليه النبي صلىاللهعليهوسلم حتى جاد بالكونين عوضا عن الخلق ؛ فقيل له : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
ومن جملة ما أمره الله باستعمال الخلق.
(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥) وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨))
قوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) أي : خاطب الجمهور بلسان الشريعة لا بلسان الحقيقة ، فإن تكلمت معهم بالحقيقة طاشت العقول فيها ، وبقيت الخلق بلا فهم ، ولا علم ، والموعظة الحسنة التي لا حظ للنفس فيها ، ويكون على قدر عقول الخلق وطاقتهم.
قال بعضهم : خاطب كلّا على قدره ، والموعظة الحسنة فيها ترغيب وترهيب.
سئل بعضهم : لم قدم الله الحكمة؟ فقال : لأن الحكمة إصابة القول باللسان وإصابة الفكرة بالجنان ، وإصابة الحركة بالأركان ، إن تكلم ، تكلم بحكمة ، وإن تفكر ، تفكر بحكمة ، وإن تحرك ، تحرك بحكمة.
وقال جعفر : الدعاء بالحكمة أن تدعو من الله إلى الله ، بالله ، والموعظة الحسنة أن ترى