(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ) بمقتضى العناية الأزلية في الفطرة الأولى بنوره.
(فَهُوَ الْمُهْتَدِ) خاصة دون غيره.
(وَمَنْ يُضْلِلْ) بمنع ذلك النور عنه.
(فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ) أنصارا يهدونه.
(مِنْ دُونِهِ) ويحفظونه من قهره.
(وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) أي : ناكسي الرؤوس ؛ لانجذابهم إلى الجهة السفلية ، أو على وجوداتهم وذاتهم التي كانوا عليها في الدنيا كقوله : كما تعيشون تموتون ، أو كما تموتون تبعثون ؛ إذ الوجه يعبر به عن الذات الموجودة مع جميع عوارضها ولوازمها أي : على الحالة الأولى من غير زيادة ونقصان.
(عُمْياً) عن الهدى كما كانوا في الحياة الأولى.
(وَبُكْماً) عن قول الحق لعدم إدراكهم المعنى المراد بالنطق ؛ إذ ليسوا ذوي قلوب يفهم بها ويفقهه فكيف التعبير عما لم يفهم؟
(وَصُمًّا) عن سماع المعقول ؛ لعدم الفهم.
أيضا : فلا يؤثر فيهم موجب الهداية لا من جهة الفهم من الله تعالى بالإلهام ، ولا من طريق السمع من كلام الناس ، ولا من طريق البصر بالاعتبار.
(كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (٥٦)) [النساء : ٥٦] ، بل أبلغ منه ذلك بسبب احتجابهم عن صفاتنا خصوصا قدرتنا على البعث وإنكارهم له أنكروا ، وما استدلوا بخلق السماوات والأرض على القدرة.
قال ابن عباس : الروح خلق من خلق الله ، صورها على صورة بني آدم ، وما نزل من السماء تلك إلا ومعه واحد من الروح.
وقال أبو صالح : الروح كهيئة الإنسان ، وليست بإنسان.
قال مجاهد : الأرواح على صورة بني آدم ، لهم أيد وأرجل ورؤوس ، يأكلون الطعام وليسوا بملائكة.
وما ذكرنا فهو أقل من قليل القليل ، الذي قال سبحانه : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً).