وأنشدوا في هذا المعنى :
يا هلال السماء كطرف كليل |
|
فإذا ما بدا أضاء طرفيه |
كنت أبكي علي منه فلما |
|
أن تولّى بكيت منه عليه |
(وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) : باللين والانقياد لحكمه لتأثرهم به ، وحسن تلقيهم لقبوله.
قال سهل : لا يؤثر عليه سماع القرآن ، فإن العبد إذا سمع القرآن خشع سره لسماعه ، وأنار قلبه بالبراهين الصادقة ، وزين جوارحه بالتذلل والانقياد.
وقال أبو يعقوب السوسي : البكاء على أنواع ، بكاء من الله ، وهو أن يبكي شفقة لما جرى عليه من الحق في الأزل من السعادة والشقاوة ، وبكاء على الله ، وهو أن يبكي حسرة وتحسرا على ما يفوته من الحق ومن حظه منه ، وبكاء الله ، وهو البكاء عند ذكره وقربه ووعده ووعيده ، وبكاء بالله ، وهو يبكي بلا حظ منه في بكائه.
وقال القاسم : البكاء على وجوه ، بكاء الجهال على ما جهلوا ، وبكاء العلماء على ما قصروا ، وبكاء الصالحين مخافة الفوت ، وبكاء الأئمة مخافة السبق ، وبكاء الفرسان من أرباب القلوب للهيبة والخشية وتواتر الأنوار ، ولا بكاء للموحدين.
وقال الأستاذ : السماع مؤثر في قلوب قوم ، محير لأسرار آخرين ، فتأثير السماع في قلوب العلماء بالتبصير ، وتأثير السماع في أسماع الموحدين بالتحيير ، فيبصر العلماء بصحة الاستدلال ، ويحير الموحدين في شهود الجمال والجلال.
(قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١١٠) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (١١١))
قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) إنّ الله سبحانه دعا عباده إلى معرفة الاسمين الخاصين ، اللذين فيهما أسرار جميع الأسماء والصفات والذات والنعوت والأفعال ، فالله اسمه ، وهو اسم عين جمع الجمع ، والرحمن اسم عين الجمع ، فالرحمن مندرج تحت اسم الله ؛ لأنه عين الكل ، وإذا قلت الله ذكرت عين الكل ، فالقول خبر ، والخبر أثر ، والأثر ذكر ، والذكر فكر ، والفكر وقوع نور العقل ، ونور العقل مقرون بنور الصفة ، ونور الصفة مقرون بنور الذات ، فإذا سميته ذكرته ، وإذا ذكرته فنيت الصورة في فعله بنعت الخشوع ، وإذا فنيت الصورة ذكره العقل ، ففني العقل في الاسم والنعت ، وإذا فني العقل ذكره القلب بالصفة