علم لهم بوقت ، ولا زمان ، ولا معرفة محل ، ولا مكان إحياء موتى صرعى يفيقون نومى منتبهون لا لهم إلى غيرهم طريق ولا لغيرهم إليهم سبيل ، ومحل الحضور والمشاهدة ، إنما هو الخمود تحت الصفات لا غير.
وقال أبو سعيد الخراز : هذا محل الفناء والبقاء ، أن يكونوا فانين بالحق باقين به ، لا هم كالنيام ولا كاليقظى ، أوصافهم فانية عنهم ، وأوصاف الحق بادية عليهم ، وهو حياة تحت كشف دولة مقابلة ويقين.
وقال أيضا : لهؤلاء أئمة الواجدين (إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) كشف لهم حتى تبينوا جلال القدرة ، وعظم الملكوت فغيبوا عن التمتع بشيء من الكون بحقيقة أحوالهم ، فصاروا داهشين لا أيقاظا ولا رقودا.
وقال الأستاذ : هم مسلوبون عنهم مختطفون منهم ، مستهلكون فيما كوشفوا به من وجود الحق.
وقال في قوله : (وَنُقَلِّبُهُمْ) إخبار عن حسن إيوائه لهم.
ويقال : أهل التوحيد صفتهم ما قال الحق في وصف أصحاب الكهف :
(وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ) لشواهد الفرق في ظواهرهم لكنهم بعين الجمع بما كوشفوا به في سرائرهم تجري عليهم أحوالهم ، وهم غير مكلفين بل هم يبيتون ، وهم خمود عما هم به.
وفي قوله : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) وقع لي من طريان الأحوال رمز في وصف الصفات المتشابهة أضاف نقلبهم إلى نفسه أي : أقلبهم بنفسه في حجر وصلتي ، وهذه فيهم تلك الخاصية التي خص بها آدم بقوله : (خلقت بيدي) ، فباشرهم أنوار يدي البقاء والقدم ، وتقلبهم من ذات يمين الربوبية بمحض الصفة بغير التشبيه والحلول في ذات الشمال العبودية.
وذلك حين ألقاهم في قفار الازال والاباد ، ولومهم على رؤوس أودية الصفات بنعت الغيبة عن الذات ، ولولا ذلك التقلب الذي أرجعهم من معدن الربوبية إلى معدن العبودية ؛ لتستفتهم صرصر الكبرياء في هواء عزة البقاء ؛ لما أطلع عليهم الحق شموس جلاله ، كادوا أن يذوبوا في رؤيتها ، فقلبهم من ذات يمين الأحدية إلى ذات شمال الحدوثية ؛ لبقائهم بالحق مع الحق ، وإلا كيف يكون بقاء الحدث في القدم ، وإذا كانوا متنغصين في مرارة التفرقة ، ومباشرة الحدوثية تقلبهم من الحدثان إلى بحار العرفان فهم بين الثقلين في مقامي : الفناء والبقاء والقبض والبسط والجمع والتفرقة ، وهذه من لطائف سر العارفين وتقلب أسرار الموحدين