وقال هذا العارف الفارسي العباد الرباني الشطاح الملكوتي : ما نجا من نجا إلا بالاصطفائية الأزلية ، والعناية الأبدية ، والرسم والوسم ، والاسم عوارضات زائلة وامتحانات عاطلة.
قال جعفر الصادق : لو لا مقارنة النفوس ما دخل أحد النار فلما قارنهم نفوسهم أوردهم النار بأجمعهم فمن كان أشد إعراضا عن خبث النفس كان أسرع نجاة من النار ألا ترى الله يقول : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا).
(وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤))
قوله تعالى : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) إذا أراد الله هداية العبد إلى محل الإيمان شرح صدره بنور الإسلام ، فلما ثبت في إيمانه بنعت السّنة والمتابعة عرّفه منازل قربه ووصاله وحقائق العبودية فيقع في بحر الألوهية ؛ فلا يجري عليه بعد ذلك طوارق الزيادة والنقصان.
قال سهل : يزيد الله الذين اهتدوا بصبرهم في إيمانهم بالله والاقتداء لسنة محمد صلىاللهعليهوسلم وهو زيادة الهدى النور المبين.
قوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١)) كل ما دون الله إذا أقبلت إليه بنعت الحاجة والافتقار فهو إلهك ، وطلب العز في غير الله غير ممكن لأن الأكوان تحت قهرة ذليلة ، وإذا أردت العز قبل إلى الله (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً).
قال بعضهم : كيف تظفر بالعز ، وأنت تطلبه من محل الذل.
(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩))