ليربط على قلبه لعلمه بما يبديه في شهود الكبرياء.
وقال أيضا : أحب الله أن ينبسط موسى في الكلام كيلا يحتشم في السؤال.
وقال الجنيد في قوله : (عَصايَ أَتَوَكَّؤُا) عليها ، فقال له : ألق كل ما يعتمد عليه قلبك أو تسكن إليه نفسك ؛ فإن الكل محل العلل ، فإن كل ما تسكن إليه ستهرب منه عن قليل ، ألا تراه (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً).
وقال الحسين : عدّ موسى منافع العصا على ربه وسكونه إليها وانتفاعه بها ؛ فقال تعالى : (أَلْقِها يا مُوسى (١٩)) أي : ألق من نفسك السكون إلى منافعها وقلبها حية ليزول عنه الأنس بها (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) ؛ فقال حين قطعه عنها بالفرار منها : (خُذْها وَلا تَخَفْ) ، وراجع إلينا.
قيل : الحكمة في انقلاب العصا بحية في وقت الكلام أنه جعل آيته معجزته ، ولو ألقاها بين يدي فرعون ، ولم يشاهد منها قبل ذلك ما شاهد لهرب منها كما هرب فرعون حين بدهته رؤيتها.
قال فارس في قوله : (هِيَ عَصايَ) : ذكر كل ما فيها من وجوه المنافع لئلا يكون له معاودة إلى ذلك ؛ فيستلذ بخطاب سيده وعتابه.
وقال أبو بكر الوراق في قوله : (عَصايَ) : جواب الذي بعده ذكر ما أنعم الله عليه بالعصا من المنافع ، فكان بعد قوله «عصاي» لسان الشكر.
وقال ابن عطاء في قوله : (عَصايَ) : أضافها بالملك إلى نفسه ، ولم يكن يجب له في الحقيقة أن يرى لنفسه ملكا بين يدي الحق ، فلما أضافها على نفسه ، قال : (أَلْقِها) فألقها (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) قال : خذها أي : خذ عصاك ، ولا تهرب مما ادعيت فيه الملك لنفسك ؛ فخاف وتبرأ من إضافتها ملكا إلى نفسه فتعطف الحق عليه ، فقال : خذها ولا تخف فإنها لن تضرك.
قال ابن عطاء في قوله : (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) : سرائر مغيبة عني في العصا غطيته على ذلك أو أن يكشف لي من الايات والكرامات.
وقال جعفر : منافع شتى ، وأكثر منفعة لي فيه خطابك إياي بقولك : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧)).
قال سهل : ذكره موسى من العصا مارب ومنافع ؛ فأراه الله في عصاه مارب ومنافع كانت خافية على موسى من انقلاب العصا ثعبانا ، وضربها بالحجر في انبجاس الماء وضربها