الخلق وتذكر أيام وصال الحق فعلت العجلة الشوق إلى لقاء الحق.
قال الواسطي : عجلت إليك شوقا مني إليك واستهانة بمن هو مبعوث إليهم فقال : (هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي).
قوله تعالى : (قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ) إن الله سبحانه أحب كليمه حبا بالغا وأحب انبساطه وصولته وغضبه عليه ففتن قومه بحب العجل ليهيجه بذلك إلى غضبه ويشغله عن صحبة الأضداد بصحبته ومناجاته.
قال ابن عطاء : قال الله لموسى : تدري من أين أتيت؟ قال : لا يا رب.
قال : حين قلت لهارون اخلفني في قومي أين كنت أنا حينئذ حين اعتمدت على هارون.
(فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦) قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً (٨٩) وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (٩١) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤) قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥))
قوله تعالى : (فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) غضبه انبساطه وجرأته في حضرة ربه من العلم بمكانه عند الله كأنه عربد في إضلال قومه وأسفه من فقدان وصاله واشتغاله بشريعته قيل «غضبان» على نفسه إذ ترك قومه حتى ضلوا «وأسفا» على ما فاته من مناجاة ربه.
قال الشبلي : «أسفا» على ما فاته من مخاطبة الحق إلى مخاطبة من لا أوزان لهم فرده من شوقه إلى مشاهدة ولم يظفر ببغيته وشفي من وجد فغضبه كان من ذلك.
(قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها