إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) قال في عقبه : مثل ما قصصت من أحكام الأولين وما فعلت بهم نقص أيضا زيادة الباء هل الابتلاء اعتبارا وامتحانا وإصابة الرشد والعلم باثار أهل الحقائق.
قال ابن عطاء : موعظة بعد موعظة وبيانا بعد بيان ، ثم خصه بما أفرده من العلم اللدني الإلهي والأنباء الغيبي بقوله : (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (٩٩)) الذكر اللدني كشف ما ستر الحق على الخلائق من أسرار ربوبيته يعرف حبيبه بها معلومات الحق في القلوب والغيوب.
قال ابن عطاء : أي : موعظة تتعظ بها وتتأدب بملازمتها ؛ فلا يخفى عليك شيء من أسرارنا وما أودعنا أسرار الذين قالوا قبلك ، فيكون الأنبياء مكشوفين لك وأنت في سر الحق.
(فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (١٠٨) يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (١١٢) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣))
قوله تعالى : (فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦)) إذا أراد الله سبحانه أن يطلع شموس ذاته وأقمار صفاته من مشارق قلوب العارفين يقلع عن قلوبهم شواغلات الإنسانية ورسومات النفسانية وعوارضات البشرية ورسومات العلومية ، ومرسومات العقولية ، حتى بقيت الأرواح المقدسة على صحاري القلوب مطالعة لطلوع أنوار مشاهدات الأزلية ومكاشفات الأبدية بغير رسوم الفهوم ، والعلوم فإذا اضمحلت المخائيل من جبال الشهوات وموهومات النفوسية شاهدوا الله بصرف المعرفة وحقيقة الفناء.
قال الحسين : هو الذي يطمس الرسوم ويعمى الفهوم ويميت الذهن ويترك الجسم قاعا صفصفا حتى يعجز الكل عن معرفته وبلوغ نفاذ قدرته ، ثم يظهر من طوالع ربوبيته على أسرار أهل معرفته فيعرفونه به.