كانَتْ ظالِمَةً).
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ (٢٠) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١))
قوله تعالى : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ) أخبر سبحانه عن الطبيعة الإنسانية التي هي منابت مخائيل الشيطانية ، وحنظلات الهواجس النفسانية ، فإذا صارت مجموعة بأباطيل شهواتها ، وظلمات هواها أشرقت شموس مشاهدة الجلال والجمال من روازن الملكوت للقلب المستعد لشهود مشاهد القربة ، فتدلت منه ، وتجلت له حتى لا يبقى من ظلمات الطبيعة أثر ، فإذا صار بدر الجمال مستقيما في سقف سماء القلوب ، وأضاء بأنوار الغيوب اضمحلت سجود ليالي النفوس ، وانهدمت قيام أباطيل الشياطين.
وقال الواسطي : الوعظ للأكابر ، ومنهم من له مشار مقذوف كقوله : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ).
قال الأستاذ : يدخل نهار التحقيق على ليالي الأوهام ، فينقشع سحاب الغيبة ، ويتجلى ضباب الأوهام ، ويبرز شمس اليقين عن خفاء الظنون ، ويصحو سماء الحقائق عن كل غبار الشبه ساطعا.
(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦))
قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) فيه إشارة إلى إفراد القدم عن الحدوث وتنزيه الأزلية والأبدية عن العلة ، كأنه دعا العارفين إلى رؤية الفردانية بنعت الانفراد عن الحدثان.
قال الساري : حثك في هذه الاية على الرجوع إليه والاعتماد عليه ، وقطع العلائق والأسباب عن قلبك.