وجدت صفاء قلبي في همومي |
|
إذا كانت همومي في رضاكا |
لقد طالت بلايا في بلائي |
|
بلائي يا بلائي من بلاكا |
وفي الحديث المروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه جاء إليه رجل ؛ فسأله عن قول أيوب : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) فبكى النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «والذي بعثني بالحق نبيّا ما شكا فقرا نزل من ربه ، ولكن كان في بلائه سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات ؛ فلما كان في بعض الساعات ، وثب ليصلي قائما ، فلم يطق للنهوض ، فجلس ثم قال : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ، ثم قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أكل الدود سائر جسده حتى بقي عظاما نخرة ، فكادت الشمس تطلع من قبله وتخرج من دبره» ، ثم قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما بقي إلا قلبه ولسانه ، وكان قلبه لا يخلق من ذكر الله ولسانه لا يخلق من ثنائه على ربه ؛ فلما أحب الله له الفرج بعث إليه الدودتين ، إحداهما إلى لسانه ، والأخرى إلى قلبه ، فقال : يا رب ما بقي إلا هاتان الجارحتان قلبي ولساني أذكرك بهما ، وقد أقبلت هاتان الدودتان أحدهما إلى قلبي والأخرى إلى لساني ، وتشغلاني عنك ، وتطلعان على سري (مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (١).
وقال الحسين بن علي رضي الله عنه : ذكر الله على الصفاء ينسي العبد مرارة البلاء.
وقال جعفر : خرج منه هذا القول على المناجاة مستدعيّا للجواب من الحق ليسكن إليه لا على حد الشكوى.
قال بعضهم : كان أيوب قائما مع الحق في حال الوجد ؛ فلما أن كشف عنه البلاء وأظهره ، وكشف ما به قال : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ).
وقال الجنيد : عمل الدود في جسده فصبر ، فلما قصدوا قلبه غار عليه ؛ لأنه موضع المعرفة ومعدن التوحيد ومأوى النبوة والولاية ، وقال : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) افتقار إلى الله مع ملازمة آداب النبوة.
وقال ابن خفيف : كان أيوب مستترا بحال الصبر عن البلاء ، فلما أراد إظهاره للخلق ضج ، فقال : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ).
قال أبو علي المغازلي : أوحى الله إلى أيوب في حال بلائه : يا أيوب إن هذا البلاء قد اختاره سبعون نبيّا قبلك ، فما اخترته إلا لك ، فلما أراد الله كشفه عنه ، قال : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ).
__________________
(١) ذكره ابن عجيبة في تفسيره (٤ / ١٠٦).