طاعته ومرافقته وخدمته بقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩)) محافظتهم عليها حفظ قلوبهم عن الوساوس عند جريان صفاء المواصلة وحلاوة المداناة والاستقامة في المناجاة.
ثم وصف هؤلاء الموصوفين بهذه الأحوال الشريفة ، والدرجة الرفيعة ، والمعاملات الزكية بأنهم ورثوا علم مشاهدة الله في بساتين غيبه ، وحجال ملكوته ، ورثوا قربة وصاله ، ثم ورثوا منها مواليد حقائقها من هذه الأعمال والأحوال ، وأمثالها من خواص العبودية في مشاهدة الربوبية بقوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) ورثوا من فيض الله معرفة الله حين عاينوا الله في عهد الأزل ، ويرثون بها مشاهدة الله إلى الأبد.
قال ابن عطاء في قوله : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)) : وصلوا إلى المحل الأعلى والقربة والسعادة ، وأفلح من كان مصدقا لله بوعده.
قال أحمد بن عاصم : قال الأنطاكي : المؤمن من يكون بضاعته مولاه ، بغيضته دنياه ، وحبيبه عقباه ، وزاده تقواه ، ومجلسة ذكراه.
وقال القاسم في قوله : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) : هم المقيمون على شروط آداب الأمر مخافة أن يفوتهم بركة المناجاة.
وقال بعضهم : لما طالعوا موارد الحق عليهم ، ومطالعة الحق إياهم خشعت له ظواهرهم.
وقال بعضهم : خشعت جوارحهم وهممهم عن التدنس بشيء من الأكوان لعلو هممهم لكبائرها وهمته الصغرى أجل من الدهر.
قيل : المؤمن من يأمن قلبه من نفسه.
قال يوسف بن الحسين : كلك عورات وعلل ، وليس يسترها إلا التقوى ، وحفظ الحرمات ، والتزام الشرائع كلها.
قال جعفر في قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) : عن الكون وما فيه متجردون ، ولربهم منفردون.
وقال بعضهم : اللغو ما يشغلك عن الحق.
وقال أبو عثمان : كل شيء للنفس فيه حظ ؛ فهو لغو.
وقال أبو بكر بن طاهر : كل ما سوى ذكر الله ؛ فهو لغو.