قال ابن عطاء : كل ما سوى الله ؛ فهو لغو.
قال محمد بن الفضل في قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ) : جوارحك كلها أمانات عندك ، أمرت في كل واحدة منها بأمر ؛ فأمانة العين الغض عن المحارم ، والنظر بالاعتبار ، وأمانة السمع صيانتها عن اللغو والرفث ، وإحضارها مجالس الذكر ، وأمانة اللسان اجتناب الغيبة والبهتان ، ومداومة الذكر ، وأمانة الرجل المشي إلى الطاعات ، والتباعد عن المعاصي ، وأمانة الفم ألا يتناول به إلا حلالا ، وأمانة اليدين ألا تمدها إلى حرام ، ولا تمسكها عن الأمر بالمعروف ، وأمانة القلب مراعاة الحق على دوام الأوقات حتى لا يطالع سواه ، ولا يشهد غيره ، ولا يسكن إلا إليه.
قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن حليف : الأمانة حفظ حدود الله ، والوقوف على ما أجاب من لفظ «بلى».
وقال ابن عطاء : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩)) : المحافظة عليها هو حفظ السر فيها مع الله ، وهو ألا يختلج فيها شيء سوى الله.
وقال بعضهم : في قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) : الذين يصلون إلى مواريث أعمالهم من رياضاتهم.
قال بعضهم : الفردوس ميراث الأعمال ، ومجالسة الحق ميراث رؤية الفضل والنعماء.
قال الأستاذ في وصف الإيمان : ابتساط الحق في السريرة ، ومخامرة التصديق خلاصة القلب ، واستمكان التحقيق من تأمير الفؤاد.
وقال : الخشوع في الصلاة إطراق السر على بساط النجوى باستكمال نعت الهيبة ، والذوبان تحت سلطان الكشف ، والامتحان عند غلبات التجلي (١).
وقال في قوله : (عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) : ما يشغل عن الله ؛ فهو سهو ، وما ليس لله ؛ فهو حشو ، وما ليس بمسموع من الله أو مقول مع الله ؛ فهو لغو ، وما فيه حظّا للعبد ؛ فهو لهو.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ
__________________
(١) أي : الأحقاء بأن يسمّوا وارثين ، دون غيرهم ممن ورث رغائب الأموال والذخائر وكرائمها ، وقيل : إنهم يرثون من الكفار منازلهم في الجنة ، حيث فوّتوها على أنفسهم ، لأنه تعالى خلق لكل إنسان منزلا في الجنة ومنزلا في النار. البحر المديد (٤ / ١٧٠).