عن إدراك عزته بشرط الحقيقة بقوله : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) [المائدة : ١١٦].
قال سهل : الطيبات الجلال ، والصالحات من الأعمال آداب الأمر بالفرض والسنة ، واجتناب النهي باطنا وظاهرا.
(وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢))
قوله تعالى : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) أي : ملة المحبة والمعرفة المفردة عن شوائب الطبيعة مقرونة بنور الإسلام والإيمان لمن تابع المصطفى بنعت الأسوة والقدوة في جميع المعاملات والأحوال.
قال القاسم : أي : تفردت بشرف محمد صلىاللهعليهوسلم (وَأَنَا رَبُّكُمْ) مني شرف محمد صلىاللهعليهوسلم.
ثم قال : (فَاتَّقُونِ (٥٢)) أي : لا تقطعوا عني بشيء سواي ، (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) أي : شاهدني وبوصف إجلال جلالي وخوف عظمتي ؛ فأنا ربكم أربيكم بحسن وصالي ، ومعاشرة صحبتي.
(فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤))
قوله تعالى : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣)) هذا إشارة تغيير لأهل المعاملات فشكا عنهم سبحانه أنهم يفرحون بمعاملاتهم ، ورؤية أعواضها ، وأضاف العلة إليهم ؛ لأن أعمالهم التي لديهم صفات الحدثانية ، ولا ينبغي للعارفين أن يفرحوا بما دون الله من العرش إلى الثرى ، فالفرح الحقيقي ما صدر من شهود مشاهدة جلاله للأرواح القدسية الملكوتية فتفرح بوصاله ، وروح جماله أبدا في محل الأفراح.
ويا لبيب افهم كلامي ؛ فإن العارف الصادق إذا استغرق في بحار المعرفة فهمومه أكثر من فرحه ؛ لأن الفرح بما وجد من الله من قربة على قدر حاله ، وما بقي عنه ؛ فهو غير محدود ، فإذا كان بما وجد محجوبا عن الكل ، فما معنى الفرح بمقام واحد ، والوقوف علة يحجب بها الأكثرون ، فبقي العارف من بحر الهموم أبدا ؛ لأن إدراكه قاصر عن البلوغ إلى عزة جلاله إذ جلاله منزه عن درك المدركين ، وإحاطة عرفان العارفين تعالى الله عن كل وهم وفهم.
قال بعضهم : ربط كل أحد بحظه في سعاياته وحركاته ، والسعيد من جذب عن حظه ،