ورد إلى حظ الحق فيه.
وقال الواسطي : الواقفون مع العارف على مقدار تأثير أنوار الحق فيهم لا على قدر حركتهم وسعيهم ؛ لأنه ليس أحد يصل إلى معروفه بجهد ولا اجتهاد ، ومن ظن أن شيئا من أفعاله يوصله إلى مولاه ؛ فقد ظن باطلا فسبق العناية بصون الأشباح والأرواح وبوصل أهل معرفته إليه ، فمن اعتمد غير ذلك ؛ فقد سكن إلى غرور وفرح بالأماني وهو قوله : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣)) كيف يفرح بما لديه ، وليس يعلم ما سبق له في محتوم العلم (١).
(أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠) أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١) وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠))
قوله تعالى : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ)
__________________
(١) واعلم أن الإلقاء من الله ، ومن الملك ، ومن الخضر ، ومن المشايخ أمر واحد في المعنى ؛ لأن الشيخ إذا كان خليفة الرسول في المعنى ، والرسول خليفة الله في الحقيقة ؛ فإلقاؤه عين إلقائه ، ولا يلقى المحل إلا بقدره ، اللهم إلا أن يقال : إن نفخ خاتم الأولياء أقوى من نفخ المشايخ ؛ لأنه ملك ملوك المشايخ ؛ فهو أغنى منهم ؛ كالسلطان فإنه أغنى من الوزير ، وهو ممن دونه ، ولا شك أن الأخذ من الأغنى لا سيما إذا علّق ذلك به ؛ كان أنفع ، وقد يجتمع الإلقاءات ، فيلقى الشيخ في بداية الأمر ، ثم خاتم الأولياء في وسط الحال ، ثم الروح المطهّر النبوي في نهايته ، ثم الله تعالى في نهاية النهايات.