للحدثان صار معدوما كالعدم تعالى الله عن كل وهم وإشارة.
قال الحسين : الصمدية ممتنعة من قبول ما لا يليق بها ؛ لأن الصمدية تنافي أضدادها على الأبد ، وهي ممتنعة عن درك معانيها ؛ فكيف تبقى مع أضدادها ، وما لا يليق بها (١).
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨))
قوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) دعا حبيبه إلى استعمال خلقه العظيم وظرفه الكريم الذي مستفاد من خلقه حين ألبسه إياه حين اصطفاه على العالمين أي : احتمل بحلمك جفاء الجافين ، وراعهم بطيب الكلام ، وحسن السلام ، وإعراض الجميل.
قال القاسم : استعمل معهم ما جبلناك عليه من الأخلاق الكريمة والشفقة والرحمة ؛ فإنك أعظم خطرا من أن يؤثر فيك ما يظهرونه من أنواع المخالفات.
قال بعضهم : ادفع عنك بأخلاقك جهلهم.
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠))
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) بيّن سبحانه أن من كان ساقطا عن مركب الطاعات لم يصل إلى الدرجات ، ومن كان محروما عن المراقبات في البدايات كان محجوبا عن المشاهدات والمعاينات في النهايات ، وإن أهل المزخرفات والدعاوى والترهات تمنوا في وقت النزع إن لم يمض عليهم أوقاتهم بالغفلة عن الطاعات ، ولم يتكلفوا بالدعاوى والمحالات.
قال أبو عثمان في كتاب له إلى أهل «جرجان» : لو عمل أهل النار عملا أنجى لهم من طاعة الله وصلاح لما فرغوا في وقت العيان إلا إليه بقولهم : (رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) ؛ فأقبل على طاعة مولاك ، واجتنب الدعاوي ، وإطلاق القول في الأحوال فإن ذلك فتنة عظيمة ، هلك في ذلك طائفة من المريدين ، وما فرغ أحد إلى تصحيح المعاملات إلا أداه بركة ذلك إلى سني الرتب ، ولا ترك أحد هذه الطريقة إلا تعطل.
__________________
(١) واعلم إن الأحدية ينافيها الازدواج ؛ لتأدّيته إلى التكثّر ، والصمدية ينافيها الاحتياج ؛ لتأدّيته إلى الذلّة المنافية للألوهية.