والكنهية.
قال الحسين : الحق هو المقصود بالعبادات والمصمود إليه بالطاعات ، لا يشهد بغيره ولا يدرك بسواه.
وقال الواسطي : (فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) : لا يجوزنا موحد أن يشهد بشاهد التوحيد ؛ لأنه وصف الأشياء بالضلال ، فلم تتهيأ لضال أن يقف ، ولا لعاجز أن يصف.
وقال الحسين : الحق هو الذي لا يستقبح قبيحا ، ولا يستحسن حسنا ، فكيف يعود إليه ما منه بدا ، ويؤثر عليه ما هو أنشأه؟!
قال بعضهم : قلوب أهل الحق مع الحق على مراتب : فقلب في قبضة الحق مأسور بكشف الوجد مسرور ، وقلب طار إليه بالشوق وروح برياح القدوم بالقدوم عليه ، وقلب اعتقد فيه الامال فهو عليه ثقل الأعمال ، وقلب انقطع إليه بالكلية من كل البرية ، وقلب شديد الاحتراق لشدة الاشتياق.
وقال بعضهم : (الْحَقُ) طريق العلماء ، والحقيقة طريق الحكماء ، والتحقيق طريق الأولياء ، والحقائق طريق الأنبياء.
وقيل في قوله : (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) من الحق إلى سواه (١).
قال الواسطي في قوله : (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) : من يبدئ أمره ويعيده ويدبر في أوقاته السائرة ، فإذا قال : من يدبر الأمر أزال الأملاك فكيف يجوز لقائل أن يقول : فعلي وعملي!.
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣٤) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥) وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (٣٦) وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) بل كذبوا بما لم
__________________
(١) استفهام إنكاري بمعنى إنكار الوقوع واستبعاده والتعجب أي كيف تصرفون من التوحيد وعبادة الله تعالى إلى الإشراك وعبادة الأصنام الذي هو ضلال عن الطريق الواضح.