والشوق ما يوجب رضاه بوصف الأسوة والاقتداء بالكتاب والسنة ، وذلك قوله : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى).
سئل الحسين : من هذا الحق الذي يشيرون إليه؟ قال : معلل الأنام ولا يصل إليه إلا هو.
سئل الواسطي : ما حقيقة الحق؟ قال : حقيقته لا يقف عليه إلا الحق.
قال الحسين : الحق من الحق ومن أجل الحق ، وهو قائم الحق مع الحق ، وليس وراء ذلك إلا رؤية الحق.
قال الله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُ).
ثم إن الله سبحانه أخبر عن حال الكل فهم عن إدراك حقيقة القدم وعظمة البقاء في توهم النفوس ، وتمام الظنون بقوله : (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) : ظاهر الاية وصف أهل البعاد ، وللقوم إشارات فيها ، أن العقول محجوبة بالايات ، والقلوب محجوبة بالذات ، والأرواح محجوبة بالراحات ، والنفوس محجوبة بالشهوات ، والأسرار محجوبة بالخطرات ، وما وجدت الكل من ساحة الكبرياء إلا رسوم الأفعال ، وما وقع عليها إلا ظلال الملكوت وتصرفات الجبروت ، وأين الحدث عن إدراك كنه القدم ، والأصل ممتنع بذاته عن أن يطّلع على حقيقة وجوده خاطر من الخواطر وسرّ من الأسرار ، ولبّ من الألباب ، حاشا أنهم في مخائيل الظنون عن إثبات الوحدانية بل مستبصرون بنور الحق ، وهم على بصيرة معرفته وتوحيده.
قال تعالى : (عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) : بل هم مستغرقون بنور الحق في بحار الأزلية والسرمدية ، وما هم مبتلون بقطرة من وصول حقائقها ، يشربون من لججها أنهارا ، وهم عطاشى ، كما قال قائلهم :
وأقف في الماء عطشانا |
|
ولكن ليس يسقي |
وهكذا دأبهم أبد الابدين كيف يصل الحدثان إلى قدم الرحمن ، وهو منزّه عن الاتصال والانفصال.
قال الجنيد في هذه الاية : مر عليّ بذي أرباب التوحيد حتى أبو يزيد ما خرجوا من الدنيا إلا على التوهم.
وهكذا قال الواسطي : إلا ظنا أنّهم قد وصلوا ، وهم في محل الانفصال لا وصل ولا فصل على الحقيقة ذات ممتنع عن الاتصال ، كما هو ممتنع عن الانفصال.
وسئل أبو حفص عن حقيقة التوكل؟ فقال : كيف يجوز لنا أن نتكلم في حقائق