نفسه بظهور أنوار صفته ، (وَرَحْمَةٌ) : فتح أبواب المشاهدة ، فالموعظة للمريدين ، والشفاء للمحبين ، والهدى للعارفين ، والرحمة للمستأنسين المشتاقين.
وأيضا : الموعظة للنفوس ، والشفاء للقلوب ، والهدى للأرواح ، والرحمة للأشباح.
وأيضا : الموعظة مقام الهيبة ، والشفاء مقام الوصلة ، والهدى مقام المعرفة ، والرحمة مقام المخاطبة ، والموعظة صدرت من العظمة ، والشفاء صدر من حسن الجمال ، والهدى صدر من عيان القدم والبقاء والرحمة ، للعموم صدر من الأفعال ، وللخصوص صدر من الصفات ، ولخصوص الخصوص صدر من الذات.
وأيضا : الموعظة للابقين ، والشفاء لمرضى المحبين ، والهدى للمريدين ، والرحمة للواصلين ، بدأ بالموعظة لمريض حبه ؛ لأنها أدوية إسهال شهواته بمعجونات موعظته تقديسا لأسراره عن عوارض بشرياته ، فإذا كان مقدسا بسقيه من أشربه مراهم ألطافه شفاء لذلك السقم ؛ ولأنه تعالى يشفي بخطابه صدور مرضى أهل شوقه ، بمقدمك المبارك زال سقمي ، وفي لقياك عجل لي شفائي ، فإذا شفي يعذبه بهدايته إلى نفسه ، فلما كل في صحته يطهره بمياه رحمته عن أوساخ المرض والاستحسان.
قال ابن عطاء : الموعظة للنفوس ، والشفاء للقلوب ، والهدى للأسرار ، والرحمة لمن هذه صفته.
قال جعفر : (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) أي : راحة لما في السرائر.
وقال جعفر : لبعضهم شفاء المعرفة والصفاء ، ولبعضهم شفاء التسليم والرضا ، ولبعضهم شفاء التوبة والوفاء ، ولبعضهم شفاء المشاهدة واللقاء.
وقال الأستاذ : الموعظة للكافة ، ولكنها لا تنجع في أقوام آخرين ، فمن أصغى بسمع سره اتضح نور اليقين في قلبه ، ومن استمع إليه بنعت غيبته ما اتصف إلا بدوام حجبته.
ويقال : الموعظة لأرباب الغيبة ليبوء الشفاء للخواص ، والهدى لخاص الخاص ، والرحمة لجميعهم ، وبرحمته وصلوا إلى ذلك.
ويقال : شفاء كل أحد على حسب ذاته ، فشفاء المذنبين بوجود الرحمة ، وشفاء المطيعين بوجود النعمة ، وشفاء العارفين بوجود القربة ، وشفاء الواجدين بوجود الحقيقة.
ويقال : شفاء العاصين بوجود النجاة ، وشفاء المطيعين بوجود الدرجات ، وشفاء العارفين بالقرب والمناجاة.
ثم زاد تمام نعمته على عباده ؛ حيث أنعم عليهم بتذكير الموعظة والشفاء عن العلة والهداية إلى القربة ، وإدخالهم في زمرة الرحمة والمشاهدة ، ودعائهم إلى رؤية فضله السابق ،