وأُمهاتكم عدواً لكم فاحذروهم . لأن عاطفة الوالدين ذاتية كما أشرنا ، أما عاطفة الولد نحو أبويه فهي في ـ الغالب ـ مجرد المصلحة ، وقد تكون هذه المصلحة في موت والده . فينقلب عليه عدواً كما أشارت آية التغابن ، وفي الأشعار :
أرى ولد الفتى كلا عليه |
|
لقد سعد الذي أمسى عقيما |
فإما أن تربيه عدواً |
|
وإما أن تخلفه يتيما |
وكنت ذات يوم في « التكسي » ذاهباً إلى المطبعة ، وفيها مراهقان ، فسمعت أحدهما يقول للآخر : هنيئاً لك ، أبوك من ذوي الأملاك والأموال . فقال له علناً وبكل صراحة ووقاحة : « لكن العكروت ما كان يموت » والكثير من الجيل الجديد على هذه الطوية والسجية .
وبعد ، فان الولد إما نعيم ليس كمثله إلا الجنة ، وإما جحيم دونه عذاب الحريق ، والويل كل الويل لمن ابتلاه الله بامرأة سوء وولد عاق . . . والإمام (ع) يدعو الله ويناشده في أن يمده ويسعده بأولاد يحبهم ويحبونه ، أذلة عليه وعلى المؤمنين ، أعزة على أعداء الله وأعدائه ، وزين له في مغيبه ومحضره وفي الحديث : « ان الله سبحانه رفع العذاب عن رجل ، أدرك له ولد صالح ، فأصلح طريقاً ، وآوى يتيماً » .
|
وَأعِذْني وَذُرّيّتي مِنَ الشّيْطَانِ
الرَّجِيمِ ، فَإنّكَ خَلَقْتَنَا وَأمَرْتَنَا وَنَهَيْتَنَا ، وَرَغّبْتَنَا في ثَوابِ مَا أمَرْتَنَا ؛ وَرَهّبْتَنَا عِقَابَهُ ، وَجَعَلْتَ لَنَا عَدواً يَكيدُنَا ، سَلّطْتَهُ مِنّا عَلى مَا لَمْ تسَلّطْنَا عَلَيْهِ مِنْهُ ، أسْكَنْتَهُ صُدُورَنَا ، وَأجْرَيْتَهُ مَجَاريَ |