التعارض ، وذلك يعمّ صورة التعارض وغيرها ، فإن كان الحكم في حقّ من تعارضت عنده أمارتان هو مؤدّى الأمارة الراجحة تعيّن الأخذ بها ، وإلّا لم يكن للاستحباب أيضا معنى.
هذا ، مع أنّ من نظر مقبولة عمر بن حنظلة (١) وتأمّل في تعليلاتها قطع بفساد هذا الحمل.
إذا عرفت هذا فلنشرع في ذكر الأخبار وبيان مؤدّاها في مقامات ثلاثة :
المقام الأوّل : في إطلاقات التخيير
فمنها : رواية الحسن بن جهم عن الرضا عليهالسلام قلت له : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحقّ؟ قال : «فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت» (٢).
ومنها : رواية الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا سمعت من أصحابك الحديث ، وكلّهم ثقة ، فموسّع عليك حتّى ترى القائم عليهالسلام فتردّ إليه» (٣).
ومنها : رواية علي بن مهزيار قال : قرأت في كتاب لعبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن عليهالسلام : اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم : صلّها في المحمل ، وروى بعضهم : لا تصلّها إلّا على الأرض. فوقّع عليهالسلام : «موسّع عليك بأيّة عملت» (٤).
ومنها : ما عن الاحتجاج في جواب مكاتبة محمّد بن عبد الله الحميري إلى صاحب الزمان عليهالسلام ـ إلى أن قال عليهالسلام : ـ «في الجواب عن ذلك حديثان : أمّا أحدهما : فإذا انتقل من حالة إلى أخرى فعليه التكبير ، وأمّا الآخر : فإنّه روي أنّه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ جلس ثمّ قام ، فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، وكذلك التشهّد الأوّل يجري هذا المجرى ، وبأيّهما أخذت من باب التسليم كان صوابا» (٥).
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٤ / ١٠ ؛ الفقيه ٣ : ٥ / ٢ ؛ التهذيب ٦ : ٣٠١ / ٨٤٥ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.
(٢) الاحتجاج : ٣٥٧ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢١ أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٤٠.
(٣) الاحتجاج : ٣٥٧ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢١ أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٤١.
(٤) التهذيب ٣ : ٢٢٨ / ٥٨٣ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢٢ أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٤٤.
(٥) الاحتجاج : ٤٨٣ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢١ أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٣٩.