استمرّ الموضوع إلى زمان الاجتهاد اللاحق ، كما إذا كان الحيوان المقطوع الودجين باقيا أو ارتفع ـ فلا ، وكان ترتيب تلك الأحكام مساوقا للعمل على الاجتهاد السابق في مورد تبدّل الاجتهاد في الأحكام ، مع أنّه باطل بالقطع ، وليس المقام من قبيل إشارة الاخرس في الطلاق الذي يبقى أثره وإن زال الخرس ولم يجب إعادة الطلاق.
وأمّا بالنسبة إلى الإجزاء في الأحكام فلظهور دليل اعتبار الأمارة المستفاد منها ذلك الحكم أنّ مؤدّاها هو المأمور به في حقّ من قامت عنده وقد أتى بتكليفه ، وتوجّه التكليف بالواقع بعد انكشاف الخلاف مشكوك والأصل البراءة.
ولا فرق فيما ذكرناه بين أن نقول بالسببيّة أو بالموضوعيّة. وتفصيل القول في محلّه.
مسألة : التقليد هو العمل من غير دليل. وقد جرى بناء العقلاء وسيرتهم على رجوع الجاهل إلى العالم ، لكنّ الظاهر أنّ ذلك ليس من باب التعبّد بل لحصول الاطمئنان. وعليه ، فيشكل الرجوع في الأحكام الشرعيّة إلى العالم مع ما يرى من شدّة الاختلاف بينهم المانع من حصول الاطمئنان ، فينحصر المدرك في جواز التقليد بالنسبة إلى العامّي في دليل الانسداد ، أو يقلّدهم في جواز التقليد لحصول الاطمئنان في فتواهم. هذا لندرة المخالف في جواز التقليد ، ثمّ يقلّد في سائر المسائل تعبّدا وإن لم يحصل الاطمئنان.
ثمّ إنّ الفتوى والرأي ليس إلّا نقلا لمضمون الحجّة من الكتاب والسنّة ، وليس في حكمه على طبق الكبريات الكلّيّة المستفادة من الأخبار إعمال نظر واجتهاد إلّا بمقدار ما يكون في نقل الروايات بالمعنى.
نعم ، تطبيق ما يفهمه على الموارد يكون برأيه ونظره ، مثلا حكمه بحلّ مشتبه الحكم ليس إلّا نقلا لمضمون أدلّة البراءة.
نعم ، حكمه بأنّ الفقّاع حلال تطبيقا لتلك الكبرى على الفقاع راجع إلى نظره واجتهاده في عدم قيام حجّة على الحرمة فيه. والظاهر أنّ المراد من الأخبار الناهية عن التقليد هو الأخذ برأي غيره في الكبريات الكلّيّة ـ أعني ما أفتاه من الأحكام الكلّيّة بنظر ورأي من نفسه من قياس واستحسان على ما هو دأب العامّة ـ فلا يشمل الرجوع إلى فتوى علمائنا الذي عرفت أنّه في الحقيقة نقل للرواية بالمعنى لا رأيا واجتهادا.