وتنصاع المعاني لمراداتها والحقائق التي أبرزتها، وكلّ هذه المعارف مما لم تكن متداولةً بين المسلمين، لعدم وروده فيما صدر من أحاديث النبيّ صلىاللهعليهوآله للعامّة.
فمجمل ذلك أنّه برهان على صدوره من علمٍ لدنّي، ونَضْحِه من عين ربّانيّة.
وبعبارة أخري: تَسُوق البيانَ لمقام النبوّة ومعدن الرسالة وفضلها الذي لا يحصى؛ إذ به أخرج اللهُ الناسَ من ظلمات الجهل إلى نور الهداية، وطهّرهم من دنس الشرك فأنار اللهُ عزّوجلّ بمحمّد صلىاللهعليهوآله ظُلَمَ عبادة الأوثان وفرّج عن القلوب بُهَمَها، وجَلى عن الأبصار غَمَمَها، بعد أن كان الناس على شفا حفرة من النار، يَشربون الطَرْقَ ويقتاتون الورقَ، أذلّة خاسئين، يخافون أن يتخطّفَهمُ الناسُ من حولهم، وتهوي بهم عواصف الشرك من مكان سحيق.
وبعد أن عرّفَتْهم بعض مقام أبيها صلىاللهعليهوآله عند الله تعالى وأظهرتْ فضلَه وبيّنتْ برهانَه، وأوضحتْ حجَّتَه، وأعلَمَتْهم معالم دينهم، وأركانَ فرائضهم وبيانَ حكمة كلّ ركنٍ؛ أصولها وفروعها، فحلّقت بهم إلى كلّ معرفة ربوبية، وأخذت بهم عند كلّ سبيل.
فعرّفتهم تكليف كلّ قضية في دينهم ودنياهم، فكأنما كانت تُفرِغُ عن