لسان أبيها حكمة ومعرفة، فصاحة وبياناً، حتّى كانت أول خطبة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله تُلقي عليهم الحجّة، وتنذرهم بعاقبة أمرهم إذا ما هم أقاموا على غيّهم وغوايتهم وباطلهم، يرون تراث رسول الله صلىاللهعليهوآله قد تناهبته الأهواء وهم قابعون، لا يدفعون يد لامس، ولا يتناهون عن باطل، ولا يأمرون بمعروف ولاينهون عن منكر.
وليس هذا إلّا عن علم إلهي لدنّي لا يناله إلّا حجّة، ولا يحوزه إلّا كلّ مقرَّب مطهَّر.
فاستطاعت فاطمة عليهاالسلام في خطبتها أنْ تؤكّد على أمور:
أولاً: إنّ خطبتها كانت أول خطبة بعد خُطَب رسول الله صلىاللهعليهوآله تُسَجِّلُها محافلُ المسلمين في ذاكرتها إلى اهتمام المسلمين بمقامها وحجّيتها البالغة في مرتكزاتهم.
ثانياً: تُعدّ خطبة فاطمة عليهاالسلام إحدى الملاحم التوحيدية التي تذكر فيها ثناء الله تعالى ووحدانيته وتشير إلى نبوّة محمد صلىاللهعليهوآله وأثرها في حياة المسلمين، وتستعرض أركان الدين وما يقابلها من حكمة التشريع، وتثير تساؤلاتها بعد ذلك عن مشروعية البيعة المأخوذة تحت عنوان السقيفة ومدى صلاحية هذه البيعة المدّعاة مما تؤدّي بكثير من مدّعيات القوم وتعاجل مشاريعهم.