(وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) مما يدلل على أنّ الأخيرة مصرف ـ أي مورد للصرف ـ من دون أن يكون ملكاً لهم ولا ولايته راجعة إليهم، وغيرها من الأدلّة الدالّة على ذلك كالروايات المستفيضة.
وقد علّل تفويض ولاية الأموال العامّة لذوي القربى في سورة الحشر بأنّ الحكمة فيه هي إرساء العدالة الإقتصادية والمالية في المجتمع المسلم وإزالة الطبقية الفاحشة، فلا تكون الثروة عندئذ حكراً متداولاً بين الأغنياء (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ) وقد شدّدتْ سُورَتا الحشر والأنفال على خطورة هذا المقام وأنّ اغتصابه يقابل بشدة العقاب من الله تعالى وبزوال الايمان لقوله تعالى (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
وهذا ما قد حدث بعد غصب الخلافة، حيث أنّ باعتصاب هذا المقام بدأ التفاوت الطبقي في الأموال العامّة حتّى خصّصت بعضَ زوجات النبيّ صلىاللهعليهوآله في العهد الأول وبعضَ رموز السقيفة بمعطيات من بيت المال دون سائر المؤمنين واستشرى ذلك أكثر في عهد الثاني حيث فرّق في العطاء بين المهاجرين والأنصار (١)، وبين العرب والعجم، وبين الأسود والأبيض وبلغ ذروتَه في عهد الثالث حتّى ثار عليه المسلمون ـ كما هو معروف في مدوّنات التاريخ ـ.
__________________
(١) راجع: الطبقات ٣/ ٢١٩ * تاريخ اصفهان ٢/ ٢٩٠.