وَحْيًا) لشرفيته على القسمين الثاني والثالث وهو الايحاء من وراء حجاب وارسال رسول يوحي بإذن الله تعالى.
والشاهد على حصول الأول لها قوله تعالى: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ وَيُعَلِّمُهُ ...) (١) وفاعل «قال» ههنا هو الله تعالى لأنها وجّهتْ قولها مخاطبة الله تعالى متصلاً بالآيات السابقة في سورة آل عمران: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ...) (٢) ففي الآيات السابقة الإشارة إلى نزول الملائكة عليها وقولها لها بالبشارة.
ويشهد لكون الخطاب والقول هو من الله تعالى في الآية المزبورة، أنّ القول لم يكن من جبرئيل كما قد يتوهّم؛ إذ تمثّل جبرئيل لها والذي تستعرضه سورة مريم كان بعد مدّة زمنية فاصلة عن نزول الملائكة بالبشارة.
ويشهد لذلك أيضاً أنّ مريم عليهاالسلام أعادت تعجّبها: (قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
__________________
(١) آل عمران / ٤٧ ـ ٤٨.
(٢) آل عمران / ٤٥.