قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(١).
فهذا النمط من المجاهدة والمخاطرة بالعرض بأمر من الله تعالى وتعيين منه، فهو حكمة بالغة من الله تعالى في اختيار هذا النمط من الجهاد، بحيث لا يتأدّى إقامة الدين إلّا بذلك من دون تدنّس وابتذال في العِرضْ ولا زوال لطهارته وعصمة مناعته، وإنّما هي مخاطرة ظاهرية بالسمعة.
وهذا نظير ما وقع لعترة النبيّ صلىاللهعليهوآله بعد واقعة كربلاء المفجعة، حيث كان فَضْحُ بني أمية وزَيْغُهم عن الدين وعِداؤهُم لصاحب الرسالة لا يتمّ إلّا بالمخاطرة بعيالات النبوة وتعريضهم للسبي من قبل بني أمية، ووقوف عقيلة بني هاشم وخفِرة الطالبيين في مجلس الطاغية ابن زياد ومجلس يزيد وإلقاء خطبها لبيان حقانية سيد الشهداء عليهالسلام وبطلان بني أمية وحزبهم.
إذَنْ فما جرى للسيّدة مريم عليهاالسلام من المخاطرة بحرمتها وقدسيّتها قد جرى على حرمة وقدسيّة فاطمة عليهاالسلام؛ إذ خاطرت بحرمتها وقدسها في الذب عن إمامة علي عليهالسلام وذلك بالتصدي للمهاجمين على بيته عليهالسلام، فكان في ذلك فَضْحٌ لكلّ سِتار يتخفى من ورائه أصحاب السقيفة لغصب الخلافة وتحريف مسيرتها في الأمّة، ومن ثَم أحسّ الخليفة
__________________
(١) مريم / ٢٩.