الأول بانتصار قضية علي عليهالسلام في الإمامة، وإدحاض دعواه وصحبه فلم يمسك غيضه حتّى تكلّم بهجين الكلام وهو على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآله كما نقل ذلك ابن أبي الحديد (١).
فبلوغ مريم إلى مراتب الحجّية كان سبباً في تأسيس الشريعة العيسوية واكتمالها.
كما أنّ حمل المولود المعجزة والمجيء به إلى قومها تُعدّ إحدى أخطر مهامّها وأصعبها تحمّلاً فهي مجاهدة ومخاطرة بالعِرض وهو أشدّ للغيارى من قتل النفس؛ اذ لم يكن من اليسير أن تتحمل أقدس عفيفة في زمانها مسؤولية التهمة والبهتان ومحاولة تحدّي أمّة لم تصل إلى مستوى الرشد، بل لازالت في حضيض الجهل والسوء فكانت معاناتها النفسية مما هي فيه من الإستحياء ومخافة اللوم ما ادّى بها الى تمني الموت (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا).(٢)
قال أبو عبداللّه الصادق عليهالسلام: «لأنها لم ترَ في قومها رشيداً ذا فراسة ينزّهها من السوء»(٣) مما يكشف شدة معاناتها ووطأة المهمّة الملقاة على
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٦/٢١٥.
(٢) مريم / ٢٣.
(٣) كنز الدقائق ٨/٢١٠.