سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا)(١).
فالقرآن كما استنكر على النصارى غلوهم في المسيح وأمّه، كذلك استنكر على اليهود تقصيرهم في الإقرار بمقامهما والعداء لهما والخصومة، فهو كما ينفي الغلو ينفي التقصير في التسليم لهما في الحجّية، فلا تستدعي حجّيتُهما الألوهيةَ ولا تستدعي بشريتهما عدمَ الحجّية.
وهذا ما يركّز عليه القرآن الكريم في كثير من الأنبياء والرسل كما في قوله تعالى تعليماً لنبيّه صلىاللهعليهوآله (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ)(٢) فالوحي لا ينفي البشرية ولا البشرية تنفي تميزه واختصاصه بالوحي، وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا)(٣). وكذا بقية الأنبياء حسبما يذكره القرآن الكريم مع أقوامهم، فإنهم في الغالب يقعون في أحد الطرفين؛ إمّا التقصير وظنّ أنّ البشرية تنفي الحجّية والإرتباط بالغيب، أو الغلو وأنّ الإرتباط بالغيب ينفي البشرية، كما حصل لليهود في عُزير.
فالطريقة الوسطى والمحجّة الواضحة نفي كلّ منهما، والتسليم بالحجّية
__________________
(١) النساء / ١٧١.
(٢) الكهف / ١١٠.
(٣) مريم / ٤٣.