الْأَمْرِ) من قولهم نازعته أنزعه ، أي غلبته ، أي لا يخالفنك بالمنازعة في أمر الذبيحة أو في أمر الدين (وَادْعُ) أي ادعهم (إِلى رَبِّكَ) أي إلى دينه (إِنَّكَ لَعَلى هُدىً) أي على (١) دين (مُسْتَقِيمٍ) [٦٧] وهو دين الإسلام فاعمل به ، نزل حين قال المشركون للنبي عليهالسلام كيف تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله (٢)(وَإِنْ جادَلُوكَ) في أمر الذبائح أو في أمر الدين (فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) [٦٨] فيجازيكم.
(اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩))
وبين ذلك بقوله (اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) أي يقضي بالحق ، يعني بالثواب والعقاب (يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [٦٩] من أمر الذبيحة أو الدين.
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧٠))
(أَلَمْ تَعْلَمْ) يا محمد (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) من الخلق وأعمالهم (إِنَّ ذلِكَ) أي العلم (فِي كِتابٍ) أي مكتوب في اللوح المحفوظ (إِنَّ ذلِكَ) أي العلم (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) [٧٠] هين حفظه وكتابته لا يفوت عنه شيء.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٧١))
قوله (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) نزل لبيان جهالة المشركين بعبادتهم ما ليس بمستحق لها (٣)(ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) أي حجة لهم بذلك (وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ) أي علم معقول ولا عذر مقبول (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) [٧١] بمنعهم من العذاب.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢))
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) أي واضحات يفهمونها (تَعْرِفُ) يا محمد (فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ) أي الإنكار والكراهة (٤)(يَكادُونَ) أي يقربون (يَسْطُونَ) أي يهمون (٥) ويثبتون بالضرب والبطش بالشدة لو قدروا (بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا) أي القرآن وهم أصحاب النبي عليهالسلام معه (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ) أي أخبركم (بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ) أي بأسوأ وأشد من ضربكم وبطشكم أو غيظكم على تالي القرآن هو (النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [٧٢] وقيل : «النار» مبتدأ ، خبره «وعدها» (٦).
(يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣))
قل (٧)(يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ) أي بين شبه (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) إنما سماه «مثلا» ، وهو ليس بمثل بل صفة أو قصة مستحسنة ، لأن الصفة إذا كانت مستغربة عندهم شبهوها ببعض الأمثال التي يساربها ويشتهروا ، والمراد منه قطع جدالهم بآيات الله وإيقاع عيوب آلهتهم في أسماعهم وتبيين جهالتهم الفاحشة فقال (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ) أي تعبدونهم (مِنْ دُونِ اللهِ) من الآلهة (لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً) أي لن يقدروا على خلق ذباب من الذباب (وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) أي على تخليقه ، الجملة في محل النصب على الحال كأنه قال يستحيل أن يخلقوه مشروطا عليهم اجتماعهم لخلقه ، ثم ذكر من أمر الهتهم ما هو أضعف
من خلق الذباب بقوله (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً) من حلي الأصنام مع ضعف الذباب (لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) لعجزهم ، روي : أن الكفار كانوا يطلون أصنامهم بالعسل والزعفران ، فاذا جف سلبه الذباب فتعجز الأصنام وعابدوها عن أخذه منه (٨)(ضَعُفَ الطَّالِبُ) أي
__________________
(١) على ، ح و : ـ ي.
(٢) نقله المفسر عن البغوي ، ٤ / ١٣٠.
(٣) ولم أجد له مرجعا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٤) والكراهة ، ح ي : والكراهية ، و.
(٥) أي يهمون ، ح ي : يهمون ، و.
(٦) أخذ المؤلف هذا الرأي عن الكشاف ، ٤ / ٩١.
(٧) قل ، ح ي : ـ ب.
(٨) نقله عن السمرقندي ، ٢ / ٤٠٤.