غَفُورٌ) [٦٠] للمؤمنين بقتالهم في الأشهر الحرم وتركهم المندوب إليهم وهو العفو عن الجاني بقوله (١) تعالى (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ)(٢).
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢))
(ذلِكَ) أي المذكور من القدرة والحكم (بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي يدخل ظلمة هذا في مكان ذلك (٣) بمغيب الشمس ويدخل ضياء ذاك في مكان ظلمة هذا بطلوع الشمس (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [٦١] ذلِكَ) أي المذكور من الدلالة على القدرة (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ) الذي لا يجوز أن يعبد إلا هو (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ) بالياء والتاء (٤) ، أي يعبدون (مِنْ دُونِهِ) من الآلهة (هُوَ الْباطِلُ) لا يقدر على شيء (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [٦٢] أي هو (٥) أعلى وأكبر من أن يشرك به شيء وينسب إليه الولد وأن يعدل به الباطل.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣))
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) أي مطرا (فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ) أي تصير (مُخْضَرَّةً) بالنبات برفع «تصبح» ، لأن الاستفهام في (أَلَمْ تَرَ) بمعنى الخبر ، فلا يكون له جواب ولو نصب لاختل المعنى ، إذ لو كان جوابا له يلزم انتفاء كون الأرض مخضرة والحال أنه مثبت ، ولم يقل فأصبحت ليفيد بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان على سبيل الاستمرار (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) بانزال المطر واستخراج النبات به لوصول علمه إلى كل شيء (خَبِيرٌ) [٦٣] بنوعه وشخصه ومقداره ومكانه أو خبير بمصالح خلقه ومنافعهم.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤))
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) من الخلق لا شريك له فيه (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ) عن الخلق وعن عبادتهم (الْحَمِيدُ) [٦٤] أي المحمود في فعاله.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥))
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ) أي ذلل (لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَ) ذلل (الْفُلْكَ تَجْرِي) أي تسير (فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ) أي كراهة أن تقع (عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) أي بأمره يوم القيامة (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) [٦٥] مع شركهم وعصيانهم حتى يرزقهم في الدنيا ولا يعجل بالعقوبة.
(وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦))
(وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ) في الأرحام (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عند انقضاء آجالكم (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ)(٦) للبعث (إِنَّ الْإِنْسانَ) أي الكافر بالبعث وهو بديل بن ورقاء (لَكَفُورٌ) [٦٦] بالله وبأنعمه ، أي لا يشكره ولا يطيعه.
(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧) وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨))
قوله (لِكُلِّ أُمَّةٍ) بدون الواو ، لأنه لم يجد معطفا لتباعد المعنى عنه بخلاف نظيره المتقدم بالواو ، أي لكل قوم من أمتك (جَعَلْنا مَنْسَكاً) باختلاف ما مر فيه ، أي مذبحا (هُمْ ناسِكُوهُ) أي ذابحوه (فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي
__________________
(١) بقوله ، ح و : لقوله ، ي.
(٢) الشورى (٤٢) ، ٤٠.
(٣) ذلك ، ي : ذاك ، ح و.
(٤) «يدعون» : قرأ البصريان وحفص والأخوان وخلف بالياء التحتية ، والباقون بالتاء الفوقية. البدور الزاهرة ، ٢١٦.
(٥) هو ، و : ـ ح ي.
(٦) أي ، + و.