(وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧))
(وَالْخامِسَةُ) أي الشهادة الخامسة (أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ) بتشديد «أن» ونصب الاسم ، وبتخفيفه ورفع الاسم (١) ، أي أن يلعن الزوج نفسه (إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) [٧] فيما قذف زوجته به من الزنا ، فاذا لاعنها الزوج وجب عليها الحد.
(وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨))
(وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) أي يدفع حد الزنا (أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ) ف (أَنْ) مع ما بعدها فاعل (يَدْرَؤُا) ، وقوله (بِاللهِ) يتعلق ب (تَشْهَدَ) ، وقوله (إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) [٨] فيما قذفها به نصب ب (تَشْهَدَ).
(وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩))
(وَالْخامِسَةَ) بالرفع وبالنصب (٢) ، أي الشهادة الخامسة من المرأة إن تشهد (أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ) الزوج (مِنَ الصَّادِقِينَ) [٩] فيما قذفها به من الزنا ، وتخصيص عضب الله بالمرأة في الخامسة للتغليظ عليها ، لأنها منبعة الفجور ، وأصله كما مر من قبل ، قيل : قاذف أمرأته إذا كان مسلما حرا بالغا عاقلا غير محدود في القذف ، والمرأة بهذه الصفة صح اللعان بينهما إذا قذفها بصريح الزنا وهو أن يقول لها يا زانية أو زنيت أو نحو ذلك ولا يصح إلا عند الحاكم أو نائبه ، وينبغي للحاكم أن يلقن الرجل كلمات اللعان فيقول قل أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميت به فلانة بالزنا ، ويقول الزوج كما يلقنه الحاكم ويقول في الخامسة على لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة ، وإذا أتى بكلمة منها بلا تلقين الحاكم لم يحسب ، فاذا فرغ من اللعان وقعت الفرقة بينهما وحرمت عليه أبدا وانتفى عنه النسب وسقط عنه حد القذف ووجب عليها الرجم إن كانت محصنة ، والجلد والتغريب إن لم يكن محصنة عند الشافعي رحمهالله وقال أبو حنيفة لا تقع الفرقة إلا بتفريق الإمام لا بنفس اللعان ويدرأ عنها الحد إذا لاعن الزوج بأن تشهد أربع شهادات بالله أن زوجي لمن الكاذبين فيما رماني به ، وتقول في الخامسة وغضب الله علي إن كان من الصادقين فيما رماني به ويكون ذلك بتلقين الحاكم ، وإذا لاعن الزوج وامتنعت الزوجة حبست حتى تلاعن أو تعترف ، ومن صحت يمينه صح لعانه حرا كان أو عبدا ، مسلما كان أو كافرا ، وعند أبي حنيفة رحمهالله لا لعان إلا بين مسلمين حرين غير محدودين ، ويقام الرجل قائما حتى يشهد ، والمرأة قاعدة وتقام المرأة والرجل قاعد حتى تشهد والفرقة في حكم التطليقة البائنة عند أبي حنيفة رحمهالله لا يتأبد حكمها فاذا أكذب الرجل نفسه بعد ذلك فحد جاز أن يتزوجها ، وعند الشافعي رحمهالله فرقة بغير طلاق يتأبد حكمها ليس لهما أن يجتمعا بعد ذلك بوجه (٣) ، قال المفسرون : نزلت هذه الآيات في هلال بن أمية وامرأته حين وجد معها رجلا (٤) ، وقيل : في أمية بن هلال حين قذف امرأته بشريك بن سحماء فلاعن بينهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٥).
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠))
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) أي لو لا تفضل الله ونعمته عليكم (وَ) لو لا (أَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) [١٠] حكم بينكم بالملاعنة لعذبكم وهو جواب (لَوْ لا).
__________________
(١) «أن لعنت» : قرأ نافع ويعقوب باسكان النون مخففة ورفع التاء ، والباقون بتشديد النون ونصب التاء. البدور الزاهرة ، ٢٢٢.
(٢) «وَالْخامِسَةُ» : قرأ حفص بنصب التاء ، وغيره برفعها. البدور الزاهرة ، ٢٢٢.
(٣) أخذه المفسر عن الكشاف باختصار ، ٤ / ١١٦ ـ ١١٧.
(٤) انظر السمرقندي ، ٢ / ٤٢٧ ؛ والبغوي ، ٤ / ١٧١.
(٥) نقله المؤلف عن الكشاف باختصار ، ٤ / ١١٧.