مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ) أي منفعة (لَكُمْ) كالاستكنان من الحر والبرد وحفظ الأمتعة (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) [٢٩] أي ما تظهرون وما تسرون.
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١))
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا) أي يكفوا (مِنْ أَبْصارِهِمْ) «من» تبعيض ، لأن المراد المنع من النظر إلى ما لا يحل ، ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إليها ، وكذلك الجواري المستعرضات (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) عن الزنا ولم يدخل فيه من ، لأن أمر الفرج مضيق ، إذ لا رخصة للزنا فيه بوجه ما بخلاف أمر النظر ، فانه أوسع لجواز النظر إلى صدور المحارم وأيديها وأقدامها ، كذا الجواري الأخبية ، ويجوز أن يراد من حفظ الفرج سترها عن النظر إليها (ذلِكَ) أي غض البصر وحفظ الفرج (أَزْكى لَهُمْ) أي أطهر لقلوبهم (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ [٣٠] وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ) عن النظر إلى الحرام (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) عن الزنا ، وقدم «غض البصر» عليه ، لأن النظر يريد الزنا (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) أي لا يظهرن الأشياء التي من الزينة المستترة كالسوار والخلخال والقلادة لمن لا يحل له النظر إليها ونهيه عن كشف الزينة تحريض على الحفظ التام لمواضع الزينة (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) أي من الزينة التي لا تستر غالبا كالثياب والخاتم والكحل والخضاب ، فانه لا بأس باظهاره للإجابة لما في النهي عن النظر إليها حرج (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ) جمع خمار وهو ما يستر به كمقنعة ونقاب (عَلى جُيُوبِهِنَّ) أي صدورهن (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) أي أزواجهن (أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ) فيجوز النظر لهؤلاء كلهم من النسب والرضاع إلى الزينة الباطنة ولا ينظرون إلى ما بين السرة والركبة إلا الزوج ، ويكره له النظر إلى ذات الفرج ، قيل : ولم يذكر الأعمام والأخوال لئلا يصفها العم عند ابنه وكذا الخال (١)(أَوْ نِسائِهِنَّ) أي نساء دينهن ، يعني لا يبدين زينتهن إلا للنساء الحرائر والإماء المسلمات ، فيجوز نظر المسلمة إلى المسلمة سوى ما بين السرة والركبة ، ولا يجوز للمسلمة أن تنكشف للكافرة ، لأنها ليست من نسائهن (٢) ، ويجوز كشف بدنها إلى أمة مشركة لها (أَوْ ما) أي إلا الذي (مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) من العبيد إذا كان عفيفا ، فيجوز له النظر إلى بدن مولاته سوى ما بين السرة والركبة لظاهر الآية ، وقيل : المراد من الآية الصغار منهم (٣) ، وقيل : الإماء دون العبيد فحولا كانوا أو غيرهم (٤)(أَوِ التَّابِعِينَ) أي إلا للتابعين للخدمة (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) بالنصب استثناء من (التَّابِعِينَ) وهم الذين يتبعونكم لأجل طعامكم أو حال ، وبالجر (٥) صفة (التَّابِعِينَ) أو بدل منه ، والإرب والإربة الحاجة ، والمراد من (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) غير ذوي الحاجة إلى النساء بأن لا يطيق غشيانهن ولا يشتهيهن ولا يشتهينه ، لأنهم بله لا يعرفون شيئا من أمرهن أو شيوخ صلحاء إذا كانوا معهن غضوا أبصارهن أو يكون
__________________
(١) أخذ المؤلف هذا المعنى عن الكشاف باختصار ، ٤ / ١٢٥.
(٢) نسائهن ، و : نسائها ، ح ي.
(٣) نقل المصنف هذا المعنى عن السمرقندي ، ٢ / ٤٣٧.
(٤) أخذ المفسر هذا المعنى عن البغوي ، ٤ / ١٩٤ ؛ والكشاف ، ٤ / ١٢٤.
(٥) «غَيْرِ أُولِي» : قرأ الشامي وشعبة وأبو جعفر بنصب الراء ، والباقون بخفضها. البدور الزاهرة ، ٢٢٣.