بهم غنة (أَوِ الطِّفْلِ) أي الأطفال (الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) أي لم يطلعوا (عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) أي لا يعرفون ما العورة كما يعرفها البالغ ، قوله (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ) نزل نهيا عن الإعلام بالخلخال إذا كانت المرأة تضرب إحدى رجليها بالأخرى (١)(لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) أي ليعرف أنها ذات خلخالين ، قوله (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [٣١] وصية لجميع المؤمنين بالتوبة ورجاء الفلاح بعدها من كل ما وقع التقصير منهم في الأمر والنهي باعتبار ضعف قدرة العبد على رعاية الأمر والنهي ، إذ لا يخلو عن تقصير ما ، قرئ بضم الهاء وفتحها (٢).
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢))
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) أي زوجوا من لا زوج له من الرجال والنساء بكرا كان أو ثيبا ، جمع أيم وأصلها أيائم فقلبت قلبا مكانيا فصار أيامى ، وهو أمر ندب لقوله عليهالسلام : «من أحب فطرتي فليستن بسنتي» (٣) ، وهي النكاح وعنه عليهالسلام : «إذا أتى على أمتي مائة وثمانون سنة فقد حلت لهم العزوبة والعزلة والترهب على رؤوس الجبال» (٤) ، روي عن الشافعي أن التخلي للعبادة أفضل ، وعند أبي حنيفة رحمهالله النكاح أفضل (وَ) انكحوا (الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) أي ومن كان فيه صلاح من غلمانكم وجواريكم ، وهو القيام بحقوق النكاح وإنما خص «الصالحين» بالإنكاح ليحصن دينهم به ويحفظ عليهم صلاحهم (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي من رزقه ، وفيه دليل على أن للعبد ملكا ، عن النبي عليهالسلام : «التمسوا الرزق بالنكاح» (٥)(وَاللهُ واسِعٌ) أي غني ذو سعة (عَلِيمٌ) [٣٢] يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.
(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣))
(وَلْيَسْتَعْفِفِ) أي ليطلب العفة عن الزنا (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) أي قدرة النكاح أو سبب النكاح من مهر ونفقة (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي حتى يوسع عليهم من رزقه وهو وعد وترجية للمستعفين ليكون انتظاره ربطا على قلوبهم ولطفا لهم في استعفافهم إلى أن يرزقوا الوسعة فيه (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ) أي يطلبون (الْكِتابَ) أي المكاتبة (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) وهو أن يقول الرجل لمملوكه كاتبتك على كذا درهما تؤدي ذلك في نجمين أو أكثر مؤجلا ، ولا يجيزه الشافعي رحمهالله حالا ولا على نجم واحد ، وجوزه أبو حنيفة رحمهالله حالا ومؤجلا منجما وغير منجم ، وإذا أديت إلى ذلك فأنت حر ، ويقبله العبد فاذا أداه عتق وملك كسبه ويتبعه أولاده الحاصلة في حال الكتابة في العتق وولاؤه لمولاه ، فان عجز عن الأداء فلمولاه فسخ الكتابة
__________________
(١) اختصره من البغوي ، ٤ / ١٩٥ ؛ والكشاف ، ٤ / ١٢٥.
(٢) «أيه» : قرأ ابن عامر بضم الهاء وصلا وإسكانها وقفا ، ووقف الكسائي والبصريان عليها بالألف بعد الهاء ، والباقون على الهاء ، ولا خلاف في حذف الألف وصلا. البدور الزاهرة ، ٢٢٣.
(٣) انظر الكشاف ، ٤ / ١٢٥. ولم أعثر عليه في كتب الأحاديث المعتبرة التي راجعتها.
(٤) انظر الكشاف ، ٤ / ١٢٥. ولم أعثر عليه في كتب الأحاديث الصحيحة التي راجعتها.
(٥) انظر الكشاف ، ٤ / ١٣٦.