(قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩))
(قالُوا تَقاسَمُوا) يحتمل أن يكون أمرا بينهم أو خبرا في محل الحال بتقدير «قد» بمعنى متقاسمين ، أي قالوا متحالفين (بِاللهِ) على إهلاك صالح وأتباعه من المؤمنين ، فان سئلنا عنهم قلنا لا نعلم حالهم وهو معنى قوله (لَنُبَيِّتَنَّهُ) أي صالحا (وَ) لنبيتن (أَهْلَهُ) يعني لنقتلنهم ليلا بغتة (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ) بنونين في الفعلين إخبارا عن أنفسهم ، وبالتاء فيهما خطاب بعضهم لبعض ثم بضم التاء الثانية من الفعل الأول وضم اللام الثانية من الفعل الأول ، وضم اللام الثانية من الفعل الثاني (١) ، أي يأمر بعضهم بعضا التحالف على إهلاك صالح وأهله ليلا ، من البيات وهو المباغتة بالعدو ليلا ، ويقولون بعد الإهلاك (لِوَلِيِّهِ) أي لولي الدم (ما شَهِدْنا) أي ما حضرنا (مَهْلِكَ أَهْلِهِ) ٢ أي أهل صالح (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) [٤٩] في قولنا ، قرئ «مهلك» بفتح الميم واللام وبسكر اللام وبضم الميم وفتح اللام (٢) ، يحتمل المصدر والزمان والمكان.
(وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠))
(وَمَكَرُوا مَكْراً) وهو قتل صالح بغتة (وَمَكَرْنا مَكْراً) أي جازيناهم جزاء مكرهم (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [٥٠] مكرهم ، لأنهم قصدوا قتل نبي الله ولم يرضوا أن يكونوا كاذبين بل سووا حيلة للصدق في خبرهم لئلا ينسبوا إلى الكذب بذكر أحد البياتين وهم فعلوا البياتين جميعا لا أحدهما فقط ، فبذلك كانوا صادقين ، وفي هذا دليل على أن الكذب قبيح عند الكفار أيضا بدون علم الشرع أو لا يشعرون جزاء مكرهم.
(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١))
(فَانْظُرْ) يا محمد (كَيْفَ كانَ) أي على أي حال وقع (عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ) أي أمرهم السوء ، قوله (أَنَّا دَمَّرْناهُمْ) بالفتح مرفوع على أنه بدل من ال (عاقِبَةُ) أو خبر مبتدأ محذوف ، أي هي تدميرهم أو مجرور باللام بتقدير لأنا أو منصوب على أنه خبر (كانَ) ، أي كان عاقبة مكرهم (٣) الدمار ، وبالكسر استئناف (٤) ، والمعنى (٥) : أولئك التسعة أرادوا الفتك بصالح وأهله فأهلكناهم (وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) [٥١] باسقاط الجبل عليهم أو بصيحة جبرائيل أو باحراقهم بالنار الخارجة من تحت الأرض.
(فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢))
(فَتِلْكَ) أي الحزبة المشار إليها (بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً) أي خالية (بِما ظَلَمُوا) أي بسبب شركهم وعصيانهم ، و (خاوِيَةً) بالنصب حال والعامل فيها ما في تلك من معنى الإشارة (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في إهلاكهم (٦)(لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [٥٢] أي يعقلون.
(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣))
(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) بصالح ورسالته (وَكانُوا يَتَّقُونَ) [٥٣] الشرك وهم أربعة آلاف نجوا مع صالح من العذاب ، وقيل : إنهم جاؤا بالليل شاهري سيوفهم (٧) ، وقد أرسل الله ملائكة ملء دار صالح ، فدمغوا قومه بالحجارة وهم لا يرون راميا.
__________________
(١) «لنبيتنه» و «لنقولن» : قرأ الأخوان وخلف بالتاء الفوقية مضمومة بعد اللام ، وبضم التاء الفوقية التي بعد الياء التحتية ، والباقون بنون مضمومة بعد اللام وبفتح الفوقية. وقرءوا «لتقولن» بتاء فوقية مفتوحة بعد اللام الأولى وبضم اللام الثانية ، والباقون بنون مفتوحة بعد اللام الأولى مع فتح اللام الثانية. البدور الزاهرة ، ٢٣٦.
(٢) «مهلك» : قرأ شعبة بفتح الميم واللام وحفص بفتح الميم وكسر اللام ، والباقون بضم الميم وفتح اللام. البدور الزاهرة ، ٢٣٦.
(٣) مكرهم ، ح و : أمرهم ، ي.
(٤) «أنا دمرناهم» : قرأ بفتح الهمزة الكوفيون ويعقوب ، وبكسرها الباقون. البدور الزاهرة ، ٢٣٦.
(٥) أن ، + و.
(٦) أي في إهلاكهم ، ح ي : أي في هلاكهم ، و.
(٧) نقله المفسر عن البغوي ، ٤ / ٣١٢.