انبغى وما صلح (١) لكم ولمعبوديكم جميعا (أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) أي أشجار الحدائق ونباتها لاستحالته من غيره تعالى (أَإِلهٌ) أي أيقرأ (مَعَ اللهِ) غيره ويجعل شريكا له (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) [٦٠] عن الحق الذي هو التوحيد.
(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٦١))
(أم من جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) أي مستقرا يستقر عليها أهلها (وَجَعَلَ خِلالَها) أي في وسطها (أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ) أي جبالا ثوابت (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ) أي العذب والملح (حاجِزاً) أي سترا مانعا أن يختلط أحدهما بالآخر (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) يعينه على صنعه (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [٦١] توحيده فلا يؤمنون به.
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٦٢))
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ) أي يستجيب في البلاء دعاءه (إِذا دَعاهُ) أي تضرع بالدعاء إليه والمضطر هو الذي أحوجه مرض أو فقر أو حادثة إلى التضرع إلى الله والالتجاء به ، قال صلىاللهعليهوسلم : «يرفع دعاء المؤمن فوق الحجاب ويقول الرب تعالى : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين» (٢) ، وهو ليس على العموم ، بل الإجابة موقوفة على كون المدعو به مصلحة (وَ) من (٣)(يَكْشِفُ السُّوءَ) أي الضر (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) أي السكان فيها بعد هلاك من قبلكم (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) [٦٢] بالياء والتاء بالتخفيف فيهما والتشديد (٤) ، و «ما» زائدة فيه والمراد نفي التذكر ، إذ القلة تستعمل في النفي.
(أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤))
(أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ) أي يرشدكم (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) بالنجوم في السماء والعلامات في الأرض ، أي ليلا ونهارا في البر والبحر (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي قدام المطر (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ) عن ما (يُشْرِكُونَ [٦٣] أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) في الآخرة ، وإنما سألوا عن بدء الخلق وإعادته مع أنهم منكرون للإعادة لتقدم البراهين الدالة على ذلك من إنزال الماء وإنبات النبات ، فأزيحت علة الإنكار منهم وتمكنت علة المعرفة والإقرار فلم يبق لهم عذر في الإنكار (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ) المطر (وَ) من (الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) بأن غير الله صنع شيئا من هذا (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [٦٤] أن مع الله إلها ، والاستفهام للتوبيخ في الآيات المذكورة لا للاسترشاد (٥).
(قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥))
ثم أمر نبيه عليهالسلام بقوله (قُلْ) لكفار مكة (لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي أهلمها من الملك والإنس والجن (الْغَيْبَ) أي الأمر الخفي من قيام الساعة وغيره (إِلَّا اللهُ) بالرفع ، قيل : الاستثناء منقطع (٦) والرفع يجوز فيه على لغة بني تميم بدل من «من» ، لأنه فاعل (يَعْلَمُ) ، أي لا يعلم إلا الله الغيب في السموات والأرض ، فيتعلق الظرف ب (الْغَيْبَ) ، لأن الله متعال عن الظرف (٧)(وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ) أي متى (يُبْعَثُونَ) [٦٥] فكيف
__________________
(١) أي ما انبغى وما صلح ، و : أي ما ينبغوي وما يصلح ، ي ، أي ما ينبغوي وما صلح ، ح.
(٢) رواه الترمذي ، صفة الجنة ، ٢ ؛ وابن ماجة ، الصيام ، ٤٨.
(٣) من ، ح ي : ـ و.
(٤) «تذكرون» : قرأ هشام والبصري وروح بياء الغيبة مع تشديد الذال والكاف ، وحفص والأخوان وخلف بتاء الخطاب مع تشديد الذال والكاف. البدور الزاهرة ، ٢٣٧.
(٥) لا للاسترشاد ، ح و : ـ ي.
(٦) وهذا الرأي مأخوذ عن البيضاوي ، ٢ / ١٨١.
(٧) فيتعلق الظرف بالغيب لأن الله متعال عن الظرف ، ح ي : ـ و.