عتبة وشيبة والوليد بن عتبة (١) ، وكذا نزل فيهم (٢)(وَمَنْ جاهَدَ) جهاد حرب أو جهاد نفس بأن يمنعها عما تأمر به ويحملها على ما تأباه من الطاعات (فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ) حسب ، لأن ثواب جهاده راجع إليه ، وإنما أمر الله ونهى رحمة لعباده (إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) [٦] وعن طاعاتهم ، لأنه (٣) لا يحتاج إلى شيء ما.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٧))
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) باسقاط عقابها بثواب الحسنات (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) [٧] أي أحسن جزاء أعمالهم.
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨))
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) أي عهدناه وأمرناه بأن يفعل بهما (٤) فعلا ذا حسن وحكم وصي حكم أمر في التصرف لأن تعديته (٥) بالباء ، ومعناه الإلزام ، يقال وصيته بأن يفعل خيرا كما يقال أمرته بأن يفعل (وَإِنْ جاهَداكَ) أي وقلنا له إن جاهداك (لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أي لا علم لك بالألوهية (فَلا تُطِعْهُما) في ذلك ، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [٨] أي إلى رجوع من آمن منكم ومن أشرك فأخبركم بأعمالكم فأجازيكم حق جازائكم ، قيل : نزلت آية الوصية في سعد بن أبي وقاص وأمه حين آمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وعرفت أمه إيمانه فامتنعت من الأكل والشرب ليكفر ويرتد ، فقال والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما كفرت بمحمد عليهالسلام (٦).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (٩))
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي المؤمنون الصالحون (لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي) مدخل (الصَّالِحِينَ) [٩] أي الجنة ، والصالحون هم الأنبياء والأولياء وكل من صلحت سريرته مع الله تعالى.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (١٠))
قوله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) نزل فيمن ارتد بعد الإيمان ، وهم أناس آمنوا بألسنتهم فاذا مسهم أذى من المشركين صرفهم عن الإيمان كما أن عذاب الله صارف للمؤمنين عن الكفر (٧)(فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ) أي في طاعته أو الإسلام (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ) أي عذابهم إياه هنا (كَعَذابِ اللهِ) ثمه ، المعنى : أنه ساوى بين العذابين فخاف من العاجل وأهمل الآجل ، وفيه تنبيه لكل مسلم أن يصبر على الأذى في الله تعالى (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ) أي دولة للمؤمنين كالغلبة والغنيمة (مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ) أي المرتدون (إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) أي تابعين لكم في دينكم فأعطونا نصيبا من المغنم ، فقال تعالى مخبرا عن كذبهم (أَ) يقولون ذلك (وَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) [١٠] من الإيمان والكفر ، وهذا اطلاع منه للمؤمنين على ما أبطنوه من الكفر.
(وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ (١١))
ثم وعد المؤمنين وأوعد المنافقين بقوله (وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) حقيقة (وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) [١١] في إيمانهم ، فانهم (٨) لم يصبروا على الأذى وارتدوا.
__________________
(١) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٥٣١.
(٢) هذا الرأي مأخوذ عن السمرقندي ، ٢ / ٥٣١.
(٣) لأنه ، وي : ـ ح.
(٤) بهما ، وي : ـ ح.
(٥) تعديته ، وي : التعدية ، ح.
(٦) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٥٣١ ؛ وانظر أيضا الواحدي ، ٢٨٤ ؛ والبغوي ، ٤ / ٣٦٦.
(٧) اختصره المصنف من البغوي ، ٤ / ٣٦٧ ؛ والكشاف ، ٤ / ٢٤٢.
(٨) فانهم ، وي : ـ ح.