أمره إلى الضلال (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي يشتري بغير علم التجارة وبغير بصيرة بها حيث يستبدل الضلال بالهدى من غير ربح (وَيَتَّخِذَها) بالنصب ، أي وليتخذ السبيل أو الآيات (هُزُواً) أي استهزاء ، وقرئ بالرفع (١) عطفا على «يشتري» (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) [٦] أي يهانون فيه.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٧))
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا) أي القرآن (وَلَّى مُسْتَكْبِراً) أي أعرض عن الإيمان بالقرآن وبمحمد عليهالسلام متكبرا لا يعبأ بها فحاله في ذلك (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها) أي كحال من لم يسمعها وهو سامع ، قوله (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) بدل من (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها) ، وال «وقر» الثقل ، ومحل جملتي (كَأَنْ) و (كَأَنْ) نصب على الحال الأولى من الضمير في (مُسْتَكْبِراً) ، والثانية من ضمير الفاعل في (لَمْ يَسْمَعْها) ، وأصل «كأن» كأنه ، والضمير ضمير الشأن (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [٧] أي مؤلم.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨))
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالقرآن (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي الأعمال المرضية (لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) [٨] في الآخرة.
(خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩))
(خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا) مصدران للتأكيد ، الأول مؤكد لنفسه والثاني مؤكد لغيره ، لأن معنى (لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) وعدهم بها ، فأكد معنى الوعد بالوعد ، و (حَقًّا) يدل على الثبات ، أكد به معنى الوعد فيكون تأكيدا لغيره (وَهُوَ الْعَزِيزُ)(٢) الذي لا يغلبه شيء (الْحَكِيمُ) [٩](٣) الذي لا يشاء إلا ما توجبه الحكمة.
(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠))
(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) أي خلقها بغير عمد مرئية ، فقوله (تَرَوْنَها) في محل الجر صفة ل (عَمَدٍ) ، فيجوز أن يكون لها عمد لكنها لا ترى ، ويجوز أن لا يكون لها عمد أصلا ، بل يمسكها الله بقدرته (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ) أي وضع فيها (رَواسِيَ) أي جبالا مرتفعة (أَنْ تَمِيدَ) أي كراهة أن تضطرب (بِكُمْ وَبَثَّ فِيها) أي بسط في الأرض (مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها) أي في الأرض (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) [١٠] أي حسن.
(هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١١))
(هذا) أي ما ذكر من المخلوقات (خَلْقُ اللهِ) أي مخلوقه (فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) أي من دون الله وهم آلهتهم ، تبكيب لهم بأن الله خلق هذه الأشياء العظيمة ، فأي شيء (٤) خلق آلهتكم حتى يستوجبوا العبادة عندكم ، قوله (بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [١١] إضراب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بالتورط في ضلال ليس بعده ضلال وهو الخسران الدائم.
(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢))
(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) أراد بلقمان بن باعور بن أخت أيوب ، قيل : إنه أدرك داود عليهالسلام وأخذ منه العلم وعاش ألف سنة (٥) ، وأكثر الأقاويل أنه كان حكيما ولم يكن نبيا ، والحكمة هي العقل والعلم والعمل ، روي : أن رجلا قال له ألست راعي فلان فبما بلغت ما بلغت قال بصدق الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا
__________________
(١) «وَيَتَّخِذَها» : قرأ حفص والأخوان وخلف ويعقوب بنصب الذال ، والباقون برفعها. البدور الزاهرة ، ٢٥٠.
(٢) أي ، + ح.
(٣) أي ، + ح.
(٤) فأي شيء ، ح ي : فأروني ما ذا ، و.
(٥) نقله المصنف عن الكشاف ، ٥ / ١٨.