منهن ، يعني تترك مضاجعة من تشاء وتضاجع من تشاء أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء منهن أو تقسم لمن شئت أو لا تقسم لأيتهن شئت أو تترك تزوج من شئت من نساء أمتك وتتزوج من شئت أو تعزل من شئت منهن بلا طلاق ، وكان صلىاللهعليهوسلم إذا خطب امرأة تحرم على غيره خطبتها حتى يتركها ، وهذا كله من خصائصه صلىاللهعليهوسلم (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ) أي التي طلبتها (١)(مِمَّنْ عَزَلْتَ) أي تركتها (فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) أي لا إثم في فعلك بنسائك بلا تحديد عقد (ذلِكَ) أي التفويض إلى مشيتك (أَدْنى) أي أقرب إلى رضاهن (أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ) أي تطمئن قلوبهن بتخييرهن (وَلا يَحْزَنَّ) بترك القسم لهن أو بمخالفة (٢) الطلاق (وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ) من عزل وإيواء لعلمهن أن هذا التفويض من عند الله وبوحيه ، قوله (كُلُّهُنَّ) بالرفع تأكيد لفاعل (يَرْضَيْنَ) وحقه التقديم ، وروي النصب (٣) تأكيدا للمفعول (٤) في (آتَيْتَهُنَّ (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ) من الميل إلى بعض نسائكم دون بعض وقلوبهن من عدم الرضا منهن بما دبر الله من التفويض إلى مشية رسوله ، وفيه وعيد لمن لم يرض بذلك وبعث على تواطئ القلوب على طلب رضاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بما في الصدور (حَلِيماً) [٥١] لا يعاجل بالعقوبة.
(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢))
(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) بالياء والتاء (٥) من المسلمات والكتابيات (مِنْ بَعْدُ) أي من بعد نسائك المسلمات اللاتي خيرتهن فاخترنك ورضين بمرادك أو من بعد التسع لأنه نصابك من الأزواج كما أن الأربع نصاب أمتك منهن (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ) أي يحل لك أن تستبدل (بِهِنَّ) غيرهن (مِنْ أَزْواجٍ) أي أزواجا أخر ، وذلك كرامة لهن من الله على ما اخترن رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٦) ، و (مِنْ) زائدة لتأكيد النفي وهن التسع اللاتي مات عنهن عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة وصفية وميمونة وزينب وجويرية ، والمعنى : لا يجوز لك أن تطلق إحدى نسائك المخيرات ولا نكاح غيرهن (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) نصب على الحال من فاعل (تَبَدَّلَ) ، أي مفروضا إعجابك بهن ، وقيل : معناه ليس لك أن تعطي غيرك زوجك وتأخذ زوجته كما كان ذلك في الجاهلية (٧)(إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) من السريات ، محله نصب استثناء من النساء أو رفع بدل منها (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) [٥٢] أي حفيظا وهو وعيد لمن تخطي حلاله إلى حرامه ، روي عن عائشة رضي الله عنها : «ما مات رسول الله حتى أحل له النساء» (٨) ، تعني أن الآية قد نسخت فحينئذ أن يكون الناسخ السنة أو يكون قوله (أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) الآية ، وترتيب النزول ليس على ترتيب المصحف (٩) ، لأن الناسخ في المحصف مقدم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً (٥٣))
ثم قال تعالى نهيا للمؤمنين عن الدخول في بيوت النبي صلىاللهعليهوسلم قبل إذنه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) أي وقت أن يؤذن لكم (إِلى طَعامٍ) فهو ظرف في المعنى ، قوله (غَيْرَ ناظِرِينَ) حال من فاعل (تَدْخُلُوا) ، أي لا تدخلوا إلا غير ناظرين (إِناهُ) أي وقت الطعام ، يعني وقت نضجه أو إدراكه
__________________
(١) طلبتها ، ح و : طلبت ، ي.
(٢) أو بمخالفة ، ح ي : أو بمخافة ، و.
(٣) هذه القراءة مأخوذة عن السمرقندي ، ٣ / ٥٨ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٥ / ٥٠ ـ ٥١.
(٤) وروي النصب تأكيدا للمفعول ، ي : وروي النصب تأكيد للمفعول ، ح ، ومن قرأ بالنصب أكد به المفعول ، و.
(٥) «لا تحل» : قرأ البصريان بالتاء الفوقية ، وغيرهما بالياء التحتية. البدور الزاهرة ، ٢٥٧.
(٦) صلىاللهعليهوسلم ، وي : ـ ح.
(٧) اختصر المصنف هذا المعنى من البغوي ، ٤ / ٤٨٠ ؛ والكشاف ، ٥ / ٥١.
(٨) انظر السمرقندي ، ٣ / ٥٨ ؛ والكشاف ، ٥ / ٥١.
(٩) أخذه المؤلف عن الكشاف ، ٥ / ٥١.