أي ولا الباطل والحق والكفر والإيمان (وَلَا الظِّلُّ) أي الجنة (وَلَا الْحَرُورُ) [٢١] أي النار ، وقيل : (الظِّلُّ) سواد الليل و (الْحَرُورُ) سموم النهار (١).
(وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢))
(وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) أي العلماء والجهال أو الذين شرحوا صدورهم للإسلام والذين قست قلوبهم بالكفر ، و (لَا) زائدة بعد (٢) النفي في جميع ما مر (إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ) أي يسمع الإنذار منك إسماع هداية من يشاء هدايته فيسلم وخذل من لم يشأ هدايته فيكفر ، لأنه عالم بمن ينفعه الهداية وبمن لا ينفعه (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) [٢٢] أي أنت لست بمسمع الإنذار من قلبه مطبوع ، لأنه كالمقبور تحت الأرض في عدم الانتفاع فلا تحرص على هدايته لأنه لا ينفعه قولك.
(إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (٢٣))
(إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) [٢٣] أي ما عليك إلا أن تبلغ وتنذر لا أن تجبر عليها ، قيل : نسخ هذا بآية السيف (٣).
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥))
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ) أي إرسالا مصحوبا بالحق ، يعني بالقرآن (بَشِيراً وَنَذِيراً) بالجنة والنار ، ويجوز أن يكون (بِالْحَقِّ) حالا من أحد الضميرين بمعنى محقا أو محقين (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ) أي ما جماعة كثيرة (إِلَّا خَلا) أي مضى (فِيها نَذِيرٌ) [٢٤] ينذر من عذاب الله وذكره من قبيل الاكتفاء به عن بشير لدلالته عليه لكونهما ذكرا من قبل ، وأما فترة عيسى عليهالسلام فلم يزل فيها من هو على دينه فكأنه لم يخل من نذير إلى أن تندرس آثار النذارة ثم بعث محمد (٤) صلىاللهعليهوسلم (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) أي كفار قريش (فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي كذب من تقدم عليهم وقد (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي بالشواهد على صحة النبوة وهي المعجزات أو بالأمر والنهي (وَبِالزُّبُرِ) أي بالصحف (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) [٢٥] أي التورية والإنجيل والزبور.
(ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٢٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧))
(ثُمَّ أَخَذْتُ) أي عاقبت (الَّذِينَ كَفَرُوا) أي جحدوا بها (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) [٢٦] أي إنكاري وتعييري عليهم ، وفيه تسلية للنبي عليهالسلام.
ثم بين خلقه وقدرته ليعتبروا به فيؤمنوا بقوله (أَلَمْ تَرَ) أي ألم تعلم (أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) أي المطر (فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) من أخضر وأصفر وأحمر إلى غيرها أو المراد بال «ألوان» اختلاف الأجناس من الرمان والتين والتفاح والعنب وغيرها مما لا يصحى (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) جمع جدة وهي طريق في الجبل وغيره ، مبتدأ وخبر على حذف المضاف ، أي ومن الجبال ذو جدد (بِيضٌ) صفة بيان ال (جُدَدٌ (وَحُمْرٌ) عطف عليه و (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) صفة بعد صفة ل (جُدَدٌ (وَغَرابِيبُ سُودٌ) [٢٧] معطوف على (بِيضٌ) أو على (جُدَدٌ) ، وهو جمع غربيب وهو الشديد السواد تأكيد لسود مقدر يدل عليه سود مذكورة ، لأن
__________________
(١) لعل المصنف اختصره من الكشاف ، ٥ / ٨٢.
(٢) بعد ، وي : بمعنى ، ح.
(٣) انظر في هذا الموضوع هبة الله بن سلامة ، ٧٥ ؛ وابن البارزي ، ٤٦.
(٤) محمد ، ح و : محمدا ، ي.